الكذب ليس له لون أبيض أو أسود بل له رائحة كريهة على الصعد كافة وقد يلتبس على بعضنا في كثير من الأحيان تلك المشاعر التي تقع ضمن دوائر التشكيك بين الصدق والكذب فيميل هذا البعض إلى تصديق مايريد تصديقه حتى ولو كان كاذباً فأغلب الناس يميلون بين حين وآخر لأن يكذب على نفسه من خلال تعظيم قدرته في التعاطي مع الآخرين وإيهامهم بأنه يستطيع بومضة عين أن يدهن الهواء ويصدق أوهامه الكاذبة .
ولعل الكذب على الذات هو أخطر صور الكذب فسمومه قد تجلب للمجتمع شيئاً من التهويل ثم أن الكذب على الذات قد يجعلنا نتدافع مثل أمواج البحر لجعل الكذبة حقيقة ملموسة ليردد بعض الناس بينهم وبين أنفسهم بقصد أو بدون قصد ،مادام الآخرون يكذبون علينا فليكن لنا الحق في الخيار والاختيار ولنسبقهم في الإمساك بصولجان الكذب وإطلاق سلطته على الذات التي تؤطر نفسها بألوان قوس قزح وعسى أن تدهش المجتمع وفي كل ذلك يبقى السؤال الذي يشغلنا هو كيف يمكن اكتشاف لغة الصدق من الكذب ، كيف يمكن أن نصدق ما تقوله ألسنة الآخرين صحيح أن اللسان الذي نتعلق بما يقوله هو أكثر ما يخدع ولاسيما حين يكون مدهوناً بعسل فائض أو خداع أو وهم كاذب فتلتبس علينا الأمور والشاطر من لا ينحني وقل وندر منا الشطار وخصوصاً طيبي القلب والذين يغرقون على شواطىء بحار وقواميس اللسان الكاذب والمضخم لذاته ولاسيما حين يأخذنا إلى فضاءات غير متناهية من الخيال والحلم الجميل.
الألسن التي تشبه مصانع تصنيع حرير الكلام الكاذب وخاصة إذا ابتعدت عمداً عن منطلق وإدراكات العقل لغته ومفرداته … في كل الأحوال التي تبقى آخر اللغات الكاشفة للحظات الصدق والكذب قياساً بلغات وتعابير أخرى قد نقرأها في العينين إن بعضنا يركب أمواج الكذب ليبعد عن المجتمع مخادعاته لذاته ومجتمعه فالبعض يسهب عن قصد في الحديث عن الأمانة أو علمه بكل مايحيط بالمجتمع والمشكلة الكبيرة في أولئك أنهم يظنون أن الناس قد صدقوهم مع أن أغلب سامعيهم يعرفون خلفيتهم بأنهم الأكثر كذباً وأن تعلقهم بوهم أكاذيبهم هو سلسلة من محاولاتهم الابتعاد عن واقعهم.
في كل اللقاءات الاجتماعية التي نتبادل فيها التعابير يجب أن نحرص ألا يختلط فيها الكذب بالحقيقة وماعلينا سوى أن نصدق مشاعرنا وعقلنا وما يمليه علينا المنطق الذي يكشف الكذب من الصدق وأن نقتنع بأن الكذب لا لون له ،وهنا لابد لنا من الإشارة إلى بعض الأكاذيب التي تمارس في مجتمعنا منها وهم الأهل يكذبون على الأولاد حين يحاضرون في المثاليات والأخلاقيات في حين حياتهم مليئة بالأخطاء ,الأولاد يكذبون على الأهل حين يعزون أخطاءهم إلى الغير.
علي عباس