وأوضحت الصحيفة أن كثيراً من هذه المقابر يُكتشف بالصدفة، سواء أثناء أعمال إزالة أنقاض المنازل المدمرة أو خلال عمليات البحث في الأراضي الزراعية، وتتراوح بين حقول واسعة تضم عشرات آلاف الضحايا الذين قضوا في عمليات قتل منهجية، وأخرى أصغر تحتوي على عشرات الجثث فقط.
134 مقبرة موثقة
المركز الدولي للعدالة الانتقالية، إلى جانب مجموعة “محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان” السورية، وثّق حتى الآن 134 مقبرة جماعية، مع دلائل على وجود المزيد لم يُكشف عنها بعد، وقد اعتبرت الصحيفة أن هذه الأرقام تمثل شهادة دامغة على المأساة التي عاشها السوريون قبل سقوط النظام، الذي قتل آلاف الأبرياء وسجن عشرات الآلاف في ظروف لا يمكن تصورها من تعذيب ممنهج وممارسات وحشية.
تحديات غير مسبوقة
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المقابر الجماعية وتشابك جرائم القتل الممنهج خلقت واحدة من أعقد التحديات أمام دولة تسعى للتعافي من حكم استبدادي، فالعائلات ما زالت تعيش مأساة مفتوحة، لا تعرف أين دُفن أبناؤها أو كيف قضوا، ما يجعل الألم مضاعفاً ويحول دون الوصول إلى السكينة، فيما يمثل تحديد هوية الضحايا مهمة شبه مستحيلة، إذ تحتاج اللجنة الوطنية السورية للمفقودين إلى جيش من الخبراء الشرعيين، ومعدات لفحص الحمض النووي، وموارد تُقدّر تكلفتها بنحو 200 مليون دولار.
كل مقبرة جديدة تُكتشف تعيد فتح جرح قديم، وتُبقي المأساة حيّة في نفوس ذوي الضحايا الذين ينتظرون منذ سنوات جواباً عن مصير أحبائهم أو فرصة لإلقاء الوداع الأخير.
الأمل بالعدالة
لم تعد جرائم النظام البائد محبوسة خلف جدران المعتقلات، بل تحولت إلى مطالبات جماعية بالعدالة والمحاسبة، وفي هذا السياق، أصدر الرئيس أحمد الشرع في الـ17 من أيار الماضي مرسومين بتشكيل “الهيئة الوطنية للمفقودين” لكشف مصير آلاف المختفين قسراً، و”الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية” المعنية بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة ومساءلة المسؤولين عنها وجبر الضرر الواقع على الضحايا.
كما وقّعت الهيئة الوطنية للمفقودين مذكرة تفاهم مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) في الـ18 من تشرين الثاني الجاري لتعزيز التعاون التقني والمهني، إضافة إلى إعلان مشترك في الخامس من الشهر ذاته مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) والمؤسسة الدولية المستقلة للمفقودين (IIMP)، لدعم العملية الوطنية الرامية إلى توضيح مصير المفقودين في سوريا، بغضّ النظر عن ظروف اختفائهم أو انتماءاتهم