فكرة ..تحديد مسيرة الشباب

يتعرف الإنسان على أناس كثيرين ،وهؤلاء قد تنطبق عليهم تسميات كثيرة منها الرفقة العابرة أو الزمالة ،أو الصداقة ،وهي الأكثر تأثيراً بين الناس .إذ إن الإنسان لا يمكن أن يتخذ صديقاً إلا بعد أن يكون قد خبره وتأكد أنه سيكون وفياً وصادقاً في علاقته ،ولذلك فإن الاختيار الخاطئ للأصدقاء لن تكون نتائجه مرضية وهذا الأمر ينطبق على كافة المراحل العمرية ،ولعل أخطرها مرحلة المراهقة التي تعتبر مرحلة هامة ومفصلية عند هذه الشريحة التي قد يكون فيها الأبناء في مرحلة تحوّل واثبات الشخصية في المجتمع ،ولعلنا نلاحظ أن هذه المرحلة تحدد بشكل أو بآخر الطريق التي يمكن أن يسلكها الشاب أو الفتاة في الحياة العامة ،فإذا تفهم الأهل حاجات أبنائهم في هذه المرحلة فسوف يساعدونهم على تخطيها بسهولة ،وإذا لم يتفهم الأهل لتلك الحاجات فإن الكثير من المشكلات سوف تقع ولن تكون الأمور في صالح الأهل بشكل خاص ولا في صالح الأبناء والمجتمع بشكل عام .
انتقل من هذه المقدمة النظرية إلى الأمثلة المأخوذة من الواقع وسوف أتعرض إلى مشكلة التدخين التي نراها منتشرة بين أوساط الشباب ،ولنتساءل :كيف تنتشر هذه الظاهرة ؟أليس غياب الأهل عن متابعة الأبناء هو السبب الأهم في ذلك إضافة إلى غياب الوعي عند هؤلاء الشباب ،وانجرافهم أمام هذه المظاهر الخادعة التي توهمهم أن رجولة الشاب لا تكتمل إلا بالتدخين !!؟
في سياق البحث عن الأسباب التي تدفع الشباب للتدخين أتذكر حواراً مع “أحد الشباب المدخنين الذي قال أن بدايته مع لفافة التبغ كانت من خلال أحد زملاء الدراسة الذي قدم له لفافة كي يدخنها بعد انتهاء أول أيام الامتحان النهائي “يقول أنه في البداية رفض ،لكن الزميل قال له نفخها “تنفيخ”وأمام الإصرار على “التنفيخ”بدأت قصة أول لفافة ،ثم كرّت السبحة وهكذا حتى وصلت إلى رقم كبير ،.إلا أنه خجل من قبول ضيافة الزميل فما كان منه إلا أن اشترى علبة تبغ وهكذا أصبح مدخناً من الدرجة الممتازة يقطع من مصروفه المخصص «للسندويش»والشراب في المدرسة وتناول المرطبات إلى مصروف لا يكفي ليحصل على حاجته اليومية من التبغ .
ومشكلة الإدمان على التدخين ليست المشكلة الوحيدة ،بل هناك مشكلات أخرى قد يتعرض لها الشباب كالصحبة السيئة والجلوس في المقاهي أو الحدائق العامة أو في بعض الشوارع البعيدة عن عيون الأهل وذلك أثناء الدوام المدرسي ،ويمكن لمن يود الاطلاع أن يقوم بجولة يومية على بعض الأماكن العامة ليكتشف أن ثمة فتياناً يقتلون أوقاتهم في تلك الأماكن دون التفكير بدراستهم وبمدرستهم التي تتكلف عليها الدولة سنوياً ملايين الليرات السورية كي تضمن تعليمهم ورفع سويتهم التعليمية دون أن يفكروا بما سيحمله الغد لهم .
بالمحصلة نقول إن الأصدقاء لهم دور هام في تحديد مسيرة الشباب إذا لم يحسنوا اختيار أصدقائهم بشكل صحيح وتكون النتيجة تلك المشاهدات التي تستحق أكثر من وقفة ومتابعة من الأهل ،فهؤلاء لم يصبحوا على ماهم عليه إلا من خلال أصدقائهم في ظل غياب الأسرة عن متابعة أبنائهم في المدرسة .
في الجانب الآخر نرى صوراً مضيئة في مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا تبين أن هناك من يتابع تحصيله العلمي والعملي في ظل صحبة يفخرون بها أمام أسرهم ومجتمعهم الذي يحرصون أن يكون بأبهى حلة من خلال الصورة الجميلة التي يقدمونها بتفوقهم وحصولهم على نتائج مشرفة على الدوام وهذه هي الصورة التي نحرص أن يعكسها جميع أبنائنا الطلبة الحريصين على مستقبلهم الذي يجب ألا يساوموا عليه أبداً .

 عبد الحكيم مرزوق

المزيد...
آخر الأخبار