في سياق صيرورة الحياة وكينونتها وفي متسع من تشكل المجتمعات والدول تبقى الأجيال الناشئة هي الهم والاهتمام إذ أن من أولويا ت سلم فاعلية الدول وحضورها الزماني والمكاني هو وضع سياسات تربوية وطنية مبنية على أسس منطقية خاضعة للتطور وتراعي مستجدات ومستلزمات المراحل العمرية منذ مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي ( الروضة ) وحتى مرحلة التعليم الجامعي .
ويبقى الشباب هم من تتجه الأنظار إليهم لأنهم عماد المجتمعات والدول وعمودها الفقري الذي يعطي الدولة صلابة وقوة ويجعلها قادرة على بناء نفسها والدفاع عن نفسها أيضا عند تعرضها لعدوان خارجي ومنافسة الدول الأخرى في كافة المجالات وخاصة العلمية والاقتصادية والثقافية .
وعلينا أن نعترف أن العملية التربوية عملية شاقة وصعبة وطويلة وتستغرق مراحل التعليم كلها , ويمكننا القول أن بناء الجسور والمصانع والمعامل وشق الطرق أسهل بكثير من بناء الإنسان بناء متوازنا ومتكاملا ومتطورا من جميع الوجوه جسديا ونفسيا وجماليا وعقليا واجتماعيا وإنسانيا , ويبقى البناء الوطني موازيا للبناء التربوي والعلمي لأن التاريخ يؤكد في طيات كتبه أن سورية كانت وما زالت من فجر التاريخ وحتى الوقت الراهن تتعرض للهجمات الاستعمارية المتتالية وإننا شعب يأبى الضيم وأن الشباب هم من صانوا سورية وبذلوا من أجلها الغالي والنفيس .
وقد أثبتت مجريات الأحداث والمؤامرة التي يتعرض لها وطننا الغالي أن الشباب السوريين الذين رضعوا حب الوطن من نعومة أظافرهم لم يتوانوا لحظة واحدة في بذل أغلى مايملكون كي يبقى الوطن عزيزا منيعا وهذا ما أثبته الواقع , وهذا يستوجب أن نحقق لهم طموحاتهم وآمالهم في عيش كريم لا تشوبه شائبة بحيث يستطيعون تأمين حاجياتهم دون أن يشعروا أنهم عالة على أحد ,لكن الواقع يقول عكس ذلك ففرص العمل المطلوبة قليلة حيث تضرب البطالة أطنابها وما زاد في جعل المشهد أكثر قتامة هو أن من شروط المسابقات على قلة الأعداد المطلوبة هو أن يكون المتقدم قد أنهى الخدمة الإلزامية وهذا ما يجعل الشباب المتخرجين خارج دائرة القبول فيها وبالتالي يبقون بدون عمل ويشعرون أنهم عالة على أهلهم ومجتمعاتهم . كما أن ذلك سيؤخر من وصولهم إلى المحطات التي حلموا بها كثيرا وهي تأمين فرصة عمل وبناء بيت ومن ثم الزواج وهكذا تستمر دورة الحياة من جديد وبالتالي لا تكون حالة الاغتراب النفسي التي يعيشها الشباب في أيامنا هذه لها أي أثر على حياتهم .
والسؤال الذي لا بد من طرحه أليس من المفروض إعادة النظر في واقع حال خريجي المعاهد والجامعات وتأمين المزيد من فرص العمل لهم قدر المستطاع ووضع قوانين وتشريعات تلحظ هذا الأمر وبالتالي سيكون لدينا مجتمعا متوازنا وهذا سينعكس إيجابا على الحياة الخاصة والعامة وسيكون الوطن حاضرا بعناوين العزة والشموخ والإباء كما تعودنا أن يكون .
شلاش الضاهر