عندما كنّا في الصف الرابع الابتدائي في ستينيات القرن الماضي طلب منا المعلم أن نكتب موضوعاً إنشائياً نشرح فيه القول «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء » . لا أعرف كيف خطر لي هذا الموضوع .. فقبل أيام جاءني صديق يقول لي : « لو لم تقدم الدولة لنا سوى العلاج الصحي والتعليم المجاني لكفانا فخراً..».
وهذه المقولة نعرفها . وراح الرجل يسرد لي قصته مع الأطباء.. فقد شعر بوهنٍ عام فذهب إلى أحد الأطباء .. وبعد الفحص والإيكو .. قال له الطبيب إنه بحاجة إلى قثطرة .. وبعدما أجراها على الفور قال له إن شرياناً مغلقاً يحتاج إلى فتح ،أي إلى عملية قلب .. والعملية لا تكلف سوى سبعمائة ألف ليرة ، ليس مع صاحبنا منها شيء ..!!.
ذهب إلى طبيب آخر .. فرأى الصور وفحصه بدقة وقال له إنه معافى وقلبه ليس فيه علّة .. سوى بعض الضعف بسبب العمر . وعندما سأله بلهفة « يعني لا أحتاج إلى عملية ؟!» أجاب الطبيب بالنفي .
حمل أوراقه وصوره وأدويته وذهب إلى طبيب ثالث ليقول له كما قال الطبيب الثاني .. وهنا هدأ وارتاح باله وحمد الله وردد « وإذا مرضت فهو يشفين».
الخطأ الطبي قد يكون وارداً لكن بنسبة ضئيلة جداً لا تتعدى في الدول المتقدمة واحداً أو اثنين بالمئة . لكن من أين يأتي المواطن بمئات الآلاف لإجراء عملية ؟! ومشافينا دمرها الإرهاب المجرم؟!!.
لعلّ أهم الأولويات ، عندنا ، أن نسرع بتفعيل عمل المشافي العامة التي تحتاجها الغالبية العظمى من مواطنينا.. وهي مكسب وطني من أهم المكتسبات والإنجازات الوطنية التي حققتها سورية ، بشهادة منظمة الصحة العالمية . وهذا يفسر لماذا استهدف الإرهاب المشافي والمراكز الصحية !!. ولعل سورية الدولة الوحيدة في المنطقة التي تقدم العلاج والتعليم مجاناً .. وسوف تستمر بذلك بعد أن هزمت الإرهاب وسحقت المؤامرة والمتآمرين .
ولنتذكر جيداً أن كثيرين من أبناء البلدان المجاورة كانوا يأتون إلى سورية للعلاج في مشافيها وعلى يد أطبائها . فالأطباء السوريون لهم شهرة .. في الكثير من البلدان التي يعملون فيها في الخارج .. وفي سورية ثمة أطباء لهم شهرة فائقة ويأتيهم المرضى من بلدان عديدة .. وهذا مفخرة لنا كسوريين .
ولأن الشيء بالشيء يذكر .. فهل يرى النور قانون التفرغ الطبي ؟! وهل نفعّل عمل شركات التأمين الصحي ونراقب أداءها ؟! وهل يشمل التأمين الصحي المتقاعدين؟! ومتعكم الله بالصحة والعافية .
عيسى اسماعيل