جاءني شاكياً فقد وجد نفسه في ورطة كبيرة كما يقول و عندما يأتيك رجل يبثك همومه و مشاكله فهذا معناه انه يثق بك و يضعك أمام مسؤولية إبداء الرأي و النصح …و قد لا تمتلك المعطيات لمثل هذا ..!!!
و عندما قلت له رأيي بصراحة شاهدت خيبة الأمل على وجهه لأنني عارضت وجهة نظره
قال لي شاكياً : « ضاع الولد .. يا صديقي .. متعلق بفتاة تعرف عليها عبر الفيس بوك .. و يريد الزواج منها و يريدني ان أذهب لأخطبها له ..»
« و ماذا فيها . تذهب أنت و هو و زوجتك بناء على موعد منها .. و تتعرفون على أسرتها .. لا أرى في الأمر مشكلة .. بل أرى ان المشكلة التي كنت تعاني منها و هي عزوف ابنك عن الزواج قد بدأت تأخذ طريقها إلى الحل ..»
هم بالخروج من منزلي .. وهو غير مرتاح لما سمع مني و قال « جئنا بأقرع الرأس ليؤنسنا فكشف عن رأسه و أخافنا « و مضت أسابيع التقيته بعدها و كان هذه المرة منفرج الأسارير و راح يحدثني عن مناقب الفتاة التي أصبحت – كنته – و عن أهلها الطيبين و عن استقبالهم و حفاوتهم به و بزوجته و ابنه »
فقد صارحت الفتاة أهلها أن شاباً سيأتي راغباً خاطبا لها .. و لم يمانعوا بل وافقوا ..!! و تم الأمر .
ثمة قصص كثيرة عن زيجات تتم عن طريق الانترنت ،تعارف يؤدي إلى زواج بين شاب و فتاة ،علماء الاجتماع من جهتهم يقولون إن الزواج عن طريق الانترنت لا يختلف عن الزواج الذي يتم بناء على التقاء الشاب و الفتاة .فالانترنت يؤمن التواصل بالكلام و الصورة تماما» و الحديث المباشر بما فيه من أفكار و مشاعر .
هذا الكلام يعيدنا بالذاكرة إلى أيام زمان بسبب المفارقة المدهشة بين ما كان و ما نحن فيه فقد حدثني رجل عجوز في التاسعة و التسعين من عمره اعتدت أن اهرع إليه عندما أتمكن لأستمع منه إلى حكايات أيام زمان فأخبرني أنه تزوج في التاسعة عشرة من عمره و أن أم أحمد أنجبت له أحد عشر ابنا و ابنتين و كانت كما يقول زوجة مخلصة وفية و الأمر الوحيد الذي لم تستشرني به كان رحيلها المفاجئ عن هذه الدنيا الفانية قبل عشرين سنة رحمها الله -و في الحديث عن خطوبته يقول بأن المرة الاولى التي شاهدها فيها في بيت أهلها و كان برفقة أبيه هي المرة التي خطبها فيها و لم يرها سوى مرة واحدة قبل الزواج لم تصافحه بل حيته عن بعد في أثناء زيارته لأهلها !
يصمت العجوز قليلاً ثم يرفع صوته قليلاً و يستأنف الحديث « نساء هذه الأيام غير تلك الأيام
لم تعرف أم أحمد سوى داية القرية لم تذهب يوماً لطبيب و النساء هذه الأيام يواظبن على الذهاب إلى الطبيب طيلة فترة الحمل و الأنكى من ذلك أن الواحدة منهن بالكاد تلد ابناً او ا ثنين أو ربما ثلاثة ..»
خرجت من منزله و أنا أفكر بما قاله .. جيله يختلف عن جيلنا و عن جيل أبنائنا.
و على الرغم من عدم موافقتي على بعض أفكاره فإن الرجل الذي سيحتفل بعد أشهر بدخوله العام المئة من عمره المديد- ان شاء الله- فإنني أكبر فيه هذا الوفاء لشريكة عمره و الذي يردد أنها شاركته الحياة بحلوها و مرها .!
و لا ينسى أن يطلب مني ان أزوره دائما لأحدثه عن آخر الأنباء ..!!
عيسى إسماعيل