يمر الإنسان عبر سني حياته بمراحل متعددة تتجاذبه فيها الآمال التي يسعى إليها مابين نجاح وتعثر تبقى مرحلة الشباب هي المرحلة الأكثر أهمية فهي نتاج السنوات التي سبقتها وعليها يترتب ما ستكون عليه بقية حياته فمن يبني نفسه بناء متكاملا ويكون تحصيله التربوي والدراسي بالشكل الذي أعد له من قبل الأسرة والمدرسة والمجتمع عندئذ سيكون في المقام الذي يعول عليه ذاتيا وموضوعيا فهو يعيش حياة حرة كريمة من جهة ومن جهة ثانية فإن الإنسان مع أقرانه يساهمون عبر جهودهم ومن خلال تواجدهم في كل مفاصل المجتمع الكبير الذي هو الدولة يساهمون في بناء الوطن وتقوية مرتكزات ودعائم استمراره بزخم أكبر ومتجدد . وهذا ما يؤكده قول (بيرن ) : (قل لي ماهي الأفكار التي تجول في رؤوس شبان هذا العصر أقل لك أخلاق الناس في العصر القادم) . نستنتج أن التربية هي المعول عليها أن يكون لدينا الآن وفي المستقبل أجيال لها الكلمة الفصل في صون البلاد وحمايتها وهذا يفرضه علينا مجمل التحولات الفكرية والاقتصادية والسياسية التي تسعى من خلالها الدول الاستعمارية لغزونا بكل الوسائل والوسيلة الأهم لديهم هي تغيير بنية الأفكار السامية التي تتعلمها الأجيال لدينا وعملية هدمها بدأت منذ زمن بعيد لكن لم تكن فاعلة بشكلها الكبير كما هي عليه اليوم فقد كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور سلبي في غرس أفكار ومفاهيم تخدم أعداءنا وذلك من خلال الشعارات التي طرحت لفصل الشباب عن واقعهم وانسياقهم خلف تلك الشعارات وقد ثبت وبعد صمود سورية وانتصارها العظيم عدم واقعية تلك الشعارات وما سيقف عنده التاريخ مطولا هو الصمود الأسطوري الذي كان عماده الشباب الأوفياء لوطنهم على مساحة الوطن ممن فهم أنها مؤامرة وخاصة أولئك الأبطال في جيشنا العظيم والذين كان لهم الكلمة الفصل في صناعة تاريخ جديد.
مما سبق نقول: إن على مؤسساتنا التربوية أن تضع في حسبانها إعادة بناء الأجيال وتحصينها من الآثار السلبية الناتجة عن سنوات المؤامرة بما يخص القيم والمفاهيم التي تناقض سلوكياتنا ومفاهيمنا الأخلاقية التي تربينا عليها وللفضائل دور كبير في تعزيز بنية الوطن وإعلاء شأنه يقول هاوز :إن قوة الجماعة وسلامتها تتوقفان على الفضائل التي يتحلى بها شبابها .
وعلى القائمين على وضع المناهج التربوية أخذ ذلك بعين الاعتبار وتربية الشباب الذين يزدانون بحكمة الشيوخ يقول شيشرون : (إني أعجب بالشباب الذين يزدانون بحكمة الشيوخ وبالشيخ الذي يزدان بنشاط الشباب ومن عاش بمقتضى هذا المبدأ فقد يشيخ بالجسم وأما عقله فلا يشيخ) . من هنا فنحن بحاجة إلى عقول ناضجة تحاكم المفاهيم بمنطق منفتح بوصلته الوطن أولا والوطن أخيرا .
وبالمحصلة يمكننا القول إن لكل طور من أطوار الحياة أخطاؤه وتجاربه ، إلا أن الشباب أكثر تلك الأطوار أخطارا فهو الزمن الذي تنشأ فيه العادات وتتأصل في النفس ، بل هو ينبوع الميول والاتجاهات المختلفة . وفي خلال هذا الطور يتخذ الإنسان صفة معنوية ثابتة ، ويلبس الثوب الذي يكسوه إلى نهاية العمر .
شلاش الضاهر