مَنْ منّا لا يُحبّ أبناءه وبناتِه وأحفادَه حبّاً جمّاً؟ مَنْ منّا لا يحترق ألماً وضِيقاً وقلقاً، عندما يتوعّك أحدهم، أو عندما يُصَاب فردٌ منهم بألمٍ ما؟ أو عندما ترتفع حرارته/ حرارتُها، فتصل أحياناً إلى ما فوق الـ37 ؟ أو عندما يصيبه وجعٌ ما بإحدى أسنانه؟ أو صداعٌ برأسه؟ أو عندما يتعرّض لمرض الزّكام الوافد، والرّشح الطّارىء، خاصّة بفصل الشتاء، حين يخرج المرء من مكانٍ دافىءٍ، إلى مكانٍ أكثرَ برودة وصقيعاً؟ حِيَال ذلك كلّه، يقول كثيرٌ من الآباء والأمّهات: هلْ نعيش ساعاتِ النَّهار، أو فسحات المساء، في هناءةٍ وحبورٍ وراحة بال؟ فإذا جنّ الليل، وَدَهَمَ الناسَ النّعاسُ، هل يتسنّى لأحد الأبوين العطُوفين – اللذين لديهما ابنٌ مريض، أو ابنة مريضة – أنْ يطمئنّ لواحدٍ منهما قلبٌ؟ أو يغمض لأيّهما جفن؟ أو أنْ يعيشا حياة طبيعية كالآخرين منْ عباد الله، الذين لم يُصَبْ أيٌّ من أبنائهم بأيّ سوء، أو أقلّ أذى؟ هي ذي حال كلّ أمّ رؤوم، وحال كلّ أبٍ سَوِيّ، صاحبَي أنْباضٍ روحانيّةٍ رهيفة، عندما يتعرّض أحد الأبناء، أو إحدى البنات، لأيّ ارْتِكاسَة مرضيّة، من أيّ نوع جاءت؟ فإذا كان العكس، بحيث لا يهتمّ الأب / الأمّ للوضع الصحّي لأحد الأبناء من الجنسين، فلا بدّ أنْ يكون هناك خللٌ ما، في عقل هذا الأب، أو في قلبه، في عقل هذه الأمّ، أو في قلبها! حينها لا بدّ من عَرْض كلا الوالدين على طبيب نفساني، ليحدّد نوع المرض لديهما، وكيفيّة العلاج، وما الأدوية الواجب تناولها، كي يستقيمَ هيكلُ السّفينة، لتبحرَ بتؤدة وعناية في عالم الأسرة، من جديد؟! وفي كثرةٍ كاثرةٍ من دول العالَم الغربيّ المُتحضّر، (يشكّلُ الطفل عندهم هاجِسَاً حيويّاً، )، بحيث يقوم الأهلون والمُربّون والمعلّمون والمعلّمات والمؤسسات والجمعيات والنوادي الرياضية والمراكز الثقافية، على تنشئته تنشئة تربوية سليمة منذ نعومة الأظفار، ويُولُونه من الرّعاية السليمة، والعناية اللازِمة الشيءَ الكثير، كي تتوازن شخصيته، ويعلو بنيانه، وتنزرع في جوّانيّته الثقة العالية – العميقة بالنّفس، ويتجسّد في شخصيته الكثيرَ الجمَّ من المناقب الحميدة، بذا يكبر، وتكبر معه هذه القيم النّبيلة، هذه الخِصال الطيّبة، فيدخل غمار الحياة الصخّابة، وهو على قناعة تامّة غير منقوصة، أنّه سيفدي أهله ببؤبؤي عينيه، وبقلبه الأغلى من كنوز الدّنيا، وبحصيلة ما يجنيه، أو ببعضه، وسيغدو شخصاً مُتوازناً بكلّ تأكيد، يحبّ وطنه، يحترم ناسَه، يسهم كغيره من أفراد المجتمع باحترام القوانين، وتطبيقها طواعية، وفاءً لتلك التربية المُثْلى، وتقديراً لأبجدية الحياة، وإعلاء شأنها، غير هيّابٍ ولا مُتردّدٍ ولا مُتقاعِس.. السؤال هنا مُفادُه، وبالفم المَلآن: كيف نستطيع- نحن أبناء الشّرق- حماية أولادنا وبناتنا، فلذات الأكباد، حبّات القلوب، من فوضى الحياة، وضبابية الطريق، وشرور الآخرين المُتفلّتين، خوفاً من وقوع هؤلاء الأبناء من الجنسين، بأشداق الخطأ، وبؤر الإجْرَام، وكلّها تنعكس سلباً عليهم أوّلاً، وعلى أفراد المجتمع ثانياً، وعلى أجواء الوطن تالياً؟ وكذا خوفاً عليهم، على صحّتهم، على مستقبلهم، على تحصيلهم العلمي، الذي يوصلهم بنهاية المطاف إلى رِحابِ الجامعة، ومتابعة هذا التحصيل بأيّة كليّة مناسبة، ليتخرّجوا في كليّاتهم الجامعية أبناء أسْوياء، عقلاء، نبلاء، حينها وعندها يستطيعون ردّ الوفاء لأصحاب الوفاء، وردّ المعروف مُضاعَفاً لأصحابه، «أعني اهتمام الآباء والأمّهات بأبنائهم وبناتهم، منذ نعومة الأظفار، في المقام الأوّل».. ما دَعانِي أيّها القرّاء الأحبّاء، لكتابة هذه المقالة الصباحيّة، وهذه «التحيّة» المتواضعة، هو قراءتي بإحدى مجلات «دولة الإمارات العربية المتحدة»، عنْ مدى اهتمامهم البادِي بأطفالهم، فلذات أكبادهم، حبّات القلوب، ونشر المعلومات الغزيرة، التي تُحظّر على الآباء أو الأمّهات، وعلى سواهم، ركوب أحد أولادهم، أو إحدى بناتهم، في المقعد الأمامي لِلمَرْكبة، تجنّباً لعواقب أيّ حادث مروريّ مفاجِىء.. تقول تنبيهات «المجلة الإماراتيّة» ما يلي، و»النصّ منقول بأمانة وحَيَدَة»:
«المُخالفة: السّماحُ للطفل – من سنّ العاشرة فما دون، أو مَنْ يقلّ طوله عن 145 سم – بالجلوس في المقعد الأمامي للمركبة»..
المُخالفة «عدم توفير مقاعد حماية مُخصّصة للأطفال، من سنّ أربع سنوات، فما دون، أثناء وجودهم داخل المركبة»!!
زبدة التحيّة: أضع هذا كلّه برسم المعنيّين ببلدنا، ، ألم يقل أحدهم يوماً: «تعلّموا من تجاربكم، تعلّموا من تجارب الآخرين، تعلّموا من الحياة، تعلّموا من الكتب، لا تكفّوا عن التعلّم…»؟! هذا كافٍ، والباقي عندهم، وعندكم.. والسّلام!!
وجيه حسن