المنعطف التاريخي ، هو الذي يرسم الأحداث التالية له ويشمل تأثيره أولاً الإنسان ثم الحياة بشكل عام ، لأن الإنسان يصنع الحياة.
من هنا فإن المنعطف التاريخي الأهم في تاريخ سورية الحديث هو قيام ثورة الثامن من آذار عام ثلاثة وستين وتسعمائة وألف . الحدث الذي غير مجرى التاريخ في سورية وامتد تأثيره المعنوي والمادي إلى بلدان الوطن العربي .
في الأدبيات العامة ، اعتدنا القول إن ثورة الثامن من آذار هي ثورة الكادحين من عمال وفلاحين وحرفيين وصغار الكسبة ، يضاف إلى هؤلاء العسكريون العقائديون . وعبارة « الجيش العقائدي» المرادفة لـ عبارة « جيش الشعب » ظهرت بعد قيام ثورة الثامن من آذار ، لأن هذا معناه الجيش المؤمن بعقيدة وطنية وقومية هدفها حماية الأرض والشعب وصد المعتدين .
وإذا كان « البعث » هو قائد هذه الثورة ومفجرها ، فإن ثمة حقيقة يجب التذكير بها وهي أن الجماهير التي امتلأت بها الشوارع والساحات إثر قيام الثورة ، ليست كلها منتسبة لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ولكنها بالشعور العام مع الكرامة والعيش الكريم وضد الإقطاع والرأسمالية .
وهذا الأمر مستمر حتى اليوم فثمة شريحة اجتماعية تؤيد حزب البعث العربي الاشتراكي وتؤمن وتعمل ضمن نهجه الوطني القومي ولكنها ليست مسجلة في لوائح الحزب ، وهذا لايضير بشيء ، بل يكسب الحزب قوة ومنعة . والنقطة التي لابد من التذكير بها هي أن الضباط البعثيين الكبار كانوا جميعاً في سجون عهد الانفصال ، وبالتالي فمن قام بالثورة ، بتوجيه وتواصل مع هؤلاء في سجن المزة ، هم الضباط العسكريون البعثيون والوطنيون الذين أرادوا الثأر من الزمرة الانفصالية المدعومة من الإقطاع والرأسمال . وهكذا فأول قرار صدر عن مجلس قيادة الثورة كان عودة العسكريين المسجونين الى الجيش ، بعدما نقلهم الانفصاليون ، إلى وظائف مدنية ، وإطلاق سراحهم ليستلموا مهامهم العسكرية .
وهؤلاء العسكريون يمثلون نواة الجيش العقائدي هذا الجيش الذي حقق انتصارات تشرين عام 1973 ومنع تقسيم لبنان وهو اليوم يتصدى ويهزم عصابات الإرهاب وداعميها من صهاينة وأمريكان وأنظمة عدوانية كنظام أردوغان وبعض الأنظمة العربية العميلة لأمريكا والصهاينة .
هذا الجيش العربي السوري هو الجيش الذي تربى على مبادىء ثورة الثامن من آذار والذي لولاه ولولا شهداؤه ، لدمروا سورية ولكن خسئوا… .
إن الانتصار على الإرهاب وتحرير التراب السوري من رجسه بفضل جيشنا العربي السوري هو إنجاز هام يضاف إلى إنجازات ثورة الثامن من آذار هذه الانجازات التي تمثل سورية الحديثة الصامدة بوجه الصهاينة ولأنها تقود محور المقاومة أرادوا تدميرها ..الانتصارات تتوالى وهذا الجيش من هذا الشعب فهو بحق «جيش الشعب » .
وعلينا القول ، وهذه حقيقة يعرفها الناس أجمعين ، أن العصابات الإرهابية هي أدوات للصهاينة والأمريكان ..وهزيمتها هي هزيمة للمشروع الصهيوني التوسعي .
ولأن أبناءنا وأحفادنا لم يعاصروا الثورة التي تدخل عامها السابع والخمسين ، فإن علينا أن نشرح لهم عن هذه الثورة ومنجزاتها وكيف بنت سورية الحديثة ، وأن الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد ، جاءت لتفعيل ثورة الثامن من آذار ووضعها في طريقها الصحيح فهؤلاء الأطفال واليافعون هم عدتنا لبناء سورية المستقبل والحفاظ على تراث الثورة المادي والفكري ..سورية قلب العالم ، وقلب العروبة النابض والمدافع عن شرف العرب وكرامتهم .
عيسى اسماعيل