تسرح بناظريك تملياً ، و أنت تتشرب سعة الفضاء الرحب المسافر آفاقاً ، وما بين هذا وذاك تطالعك السهول الراعشات بواكير اخضرار ، و السفوح المطمئنة إلى هدوة الوديان ، وقد اشرأبت علواً صوب عاليات من ذرا ، وحسبك تلك التلال تنفح بأنفاس مختالة من مطالع ربيع ما قصر عنه كرم شباط فضاء غيث عميم وكظم معاناة حالة بين برد قارس و احتياجات أقسى لكن سمو التكيف يناجي سعادة الخير جداول من حنين تنداح تعطفاً ما بين الحنايا وجداً ، واتساق المدى أودية وسلافات غدران توقع ألحانها في مسامع الجمال دافقة على أكف مجراها ، وعلى شفاه الضفاف حكايات ورود وعلى المصاطب زروع لاحقات تمر بناظريك كتائب الأمواه على حجارة و صخور ملساء و بخيال طفولي تختزن شلالات دفء مطمئن كأنك تركن إلى شلالات (نياغارا) وأنت ما بين جمال مشهد ، وجلال دهش ، لكن ببصيرة المتأمل تستوقفك حجر صماء كأنك تقرأ فيها سكوت المتوجس من متاعب ، أو صمت الوقور في استيعاب حيثيات كل صروف تتوقف متأملاً ، وتسكن إلى وداعتك تتجاذب مع نفسك في نجوى بهمس رقيق فتحاكي صوت الأمواه في هاتيك الجداول بنأمات صوتية و كلمات ما بين غاربات حروف جهر وساكنات حروف همس فيعلو في خاطرك ، على غير رغبة ، لو تشبعت جمال هذا البيت الشعري ، وبيت القصيد فيه كلمة ( حجر ) ومغزاه دلالة تجلد في حكايته صروف و وجع انزياحات و فظاعة أنماط سلوكية لبعض ملتوي شفاه في مهارة نفاق ، و بليد هزجت له ظروف الحظ ، و اصطادته شباك علاقات مسلعة ، فلولا هذه و تلك ما كان لقده الأهيف دلع السعادة و التوهم( أن عند فمه العذب تلتقي الأحلام) أو أن ( إليه يفضي ملتقى السبل ) أو أنه ( الساقي إليه المشتكى ) لكن هي تضاريس المد و الجزر في ملاوعة مصداقية ( من جد وجد ) و إذ لقليل جدا ً باستقواء أن يجد الدروب نجاحاً والمجالس تفتح له صدورها و الأكف له التحايا ، و ما إن يبلغ فطام حظوظ ، وانهدام عيدان كبريت يتوكأ عليها حتى تراه يشكو نسج وحده عويل الأيام وانكفاء ذوي الود ، وقد أضناهم تقرب دفعتهم إليه ظروف و اقتضه أنحاء حاجات ليعود ذاك المحظوظ إلى جبلته الخاوية بعد ان غلفه الوهم بأثواب خز سرعان ما جردت ألوانها وكفاك وأنت منشغل في بصيرتك أن تنشر قلق العتاب ما بين غبن لما مضى ، وهم لما سيأتي و أنت ترى بعض خدج في ولادات قيصرية تطاول أعنان المنى بقليل من طاقات لكن بكثير من استقواءات فتعود على المدى سحر مشهدية جمال طبيعة ، و لا تنسى تلك الملساء يغسلها الماء تدفاقاً لعلك تأنس إلى حكمة التكيف والغنى استيعاباً
ولك سعة في مياسم أضمومات الضمير الصاحي رجاحة عقل حصيف ونباهة راسخة ، و إشراقة كرم في حقول النبل و فرح القامات عقوداً من نضارة نجاحات معتقة في خوابي الاجتهاد و سراء النفوس الأبية و إن قرأت هذا البيت الشعري و هززت برأسك إعجاباً به وترددات أطيافه فجميل أن تعرف أن هذا البيت وضعه الشاعر أدونيس مفتاحاً لفهم الإنسان في مقدمة كتابه (مقدمه للشعر العربي ) :
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر
تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
نزار بدور