فكرة …المعلمون الحقيقيون شعلة لا تنطفئ..

من أعياد آذار شهر الخير والعطاء، “عيد المعلم العربي”، الذي ينير العقول بعلمه وبتربيته للأجيال كافة، فالمعلم المحترم يكون له دورٌ كبيرٌ في تخريج العقول المبدعة، والشخصيات العبقرية، فتلك الأجيال المتعاقبة في العلوم كافّة، التي لمعت في سماء الوطن، لم تكن لتظهر لولا المعلم، الذي وضع اللبِنَة الأولى في نفوس الأطفال وعقولهم، ونمت وترعرعت تلك الأجيال، لنشهد أسماء كثيرة في عموم الاختصاصات: كالطب والهندسة والحقوق والاقتصاد والعلوم الإنسانية، وفي معظم المجالات، إضافة إلى الحرفيين والصناعيين المبدعين، الذين يفخر بهم بلدنا، والذين يبنون الإنسان أوّلاً، والوطن ثانياً، ويرفعون بعلمهم البنيان، فتزداد مناعة وطننا قوّةً، بتلك العقول النيّرة.. ثمّة فارق كبير بين المعلم الذي يقدم علمه وخبرته للأجيال كافة، وبين المعلم الذي يبخل بتقديم علمه وخبرته للطلاب وهو بحال من التراخي والاستهتار، ولعلنا شهدنا خلال السنوات الأخيرة لجوء بعض المعلمين لأساليب غريبة، لا تمتّ للتربية والأخلاق بأيّة صلة، حيث لا يقومون بإعطاء الدروس حقها في مدارسهم، حتى يبتزّوا الطلاب، ويدفعوهم إلى خضمّ الدروس الخصوصية، في المعاهد الخاصة، حيث تشكّل هذه المعاهد وارداً إضافياً كبيراً، وربما يكون مذهلاً في بعض الأحيان، نظراً للأرقام الماديّة الخيالية، التي تحققها شهرياً، والتي تتجاوز عشرات الملايين، فما بالكم سنوياً، حيث شكّلت هذه الدروس، وتلك المعاهد عبئاً باهظاً على الأهالي، الذين يريدون توفير كافة الظروف العلمية والتعليمية والدراسية لأبنائهم، خاصة في المراحل الدراسية، التي تحدد مستقبل الطلبة.. حيث بلغت “كما روى لي أحد أولياء الطلاب”، و”العهدة على كلام الرّاوي”، انه دفع رسوم دورات، وقيمة دروس خصوصية، ما يقارب المليون ليرة، بسبب تقاعس بعض الأساتذة والمدرّسين في المدارس الرّسمية، عن إعطاء وتقديم الدروس كما يلزم، وكما يمليه الواجب المسلكي، والضمير الحيّ، ولذلك لم يكن أمام هذا الأب الشّاكي، إلا الاستعانة ببعض المعاهد، والمدرسين، ومنهم مَنْ يقوم بالتدريس في المدرسة ذاتها، حيث اختلف إعطاء ذلك المدرس مائة وثمانين درجة، عن إعطائه في المدرسة الرسمية ، إنها لعمري مشكلة كبيرة عويصة، وقع فيها «قطاع التعليم» الذي تسرّب منه الكثير من المدرّسين إلى المعاهد والمدارس الخاصة، والسبب ضعف معالجة مديرية التربية لهذا الجانب الهام والحيوي، لذلك لم يكن مستغرباً تفشّي ظاهرة الدروس الخصوصية وانتشارها، بهذا الشّكل المريع، بسبب تقاعس بعض المدرّسين، وإهمالهم لواجباتهم التدريسية، في الوقت الذي يكونون فيه بذروة عطائهم في المعاهد والمدارس الخاصة، وأعتقد أنّ هذه المسألة، ينبغي أن تكون مثارَ بحث ومناقشة جادَّين، لمعالجة هذا الخلل الخطير، النّاشئ عن ضعف متابعة المدرّسين في المدارس العامة، ووضع الاقتراحات والتوصيات، لإعادة بوصلة التعليم إلى مسارها الصحيح المُعافَى .. ففي ظلّ هذا الوضع، في بعض المدارس العامة، نجد هناك صوراً ناصعة لمدرّسين أصحّاء بعقولهم وضمائرهم، يقومون بدورهم على أكمل وجه، لهؤلاء ولأمثالهم، كلّ التحية والتّبجيل، لأنهم بحقّ يعتبرون «بُناة حقيقيين للأجيال» ، الذين نفخر بهم وبعطاءاتهم ومسيرتهم! في هذا السّياق أتساءل: تُرى هل الزمن تغيّر أم النفوس قد تغيرت؟! ولماذا كانت المدارس مختلفة، والمدرّسون مختلفين أيام زمان، عن أيامنا الرّاهنة؟! فأنا لا أنسى ما حييت أيام دراستي في المرحلة الابتدائية، الأستاذ “سامي الطباع”، الذي تعلّمت في صفّه الأحرف الأبجدية والقراءة والكتابة والعمليات الحسابية، والذي رافقنا منذ الصف الأول، حتى الخامس الابتدائي، بمدرسة الشهيد فتحي الأتاسي، فمنه تعلّمت الجهد والمتابعة، وعدم الملل أو الكلل.. كيف لا وهو الذي كان قدوة لنا في التّدريس والدراسة، حيث تابع تحصيله الجامعي، وهو معلم صفّ، ليحصل بعد ذلك على إجازة جامعية في اختصاص “التاريخ”، على ما أذكر.. وفي المرحلة الإعدادية، فإنني لا أنسى الأستاذ “رياض السيد”، الذي كان يدرّسنا مادة “اللغة العربية” في إعدادية الشهيد هاشم الأتاسي، وتأثيره البالغ فينا، حيث أصبح معظم الطلاب يحبّون مادة اللغة العربية، ويقبلون على دراستها بشوق وسرور.. وأذكر أنه كان يحثّنا على قراءة الصحف، حيث كان يقول، إنها تجعل الإنسان متابعاً جيداً للأحداث المحلية من جهة، وتربطه بلغته الأم من جهة أخرى، وكان يقول، لو أنّ أحدكم قرأ معلومة واحدة كلّ يوم فقط في الجريدة، فستكون لديه 365 معلومة في السنة، وعلى مدى عشر سنوات 3650 معلومة، وهكذا فتصوّروا هذه الفائدة التي يجنيها القارئ، وأهمية قراءة الصحف، فما بالكم بقراءة الكتب العلمية والثقافية والأدبية والفلسفية.. وفي المرحلة الثانوية، لا أنسى الدكتور “محمد غازي طليمات”، أطال الله عمره، الذي جعلنا مستمرّين بحبّ اللغة العربية، بسبب دماثة روحه، وخفّة ظله، وجديّته في العطاء بآن معاً.. وكذلك أذكر الأستاذ “سرور العبد الله”، عافاه الله وشفاه، الذي كان قادماً من الجزائر آنذاك، بحضوره المُحبّب، وطريقته المُثلى في إعطاء المعلومة، والتّلخيص الممتاز الذي يقدمه، والذي كان يُغني عن قراءة الكتاب، والأهمّ من كلّ شيء، الاحترام الذي كان يبديه للطلاب الدارسين، حيث كان يُشعرهم بأهميتهم، وأهمية الدراسة، والمعلومات التي يتلقونها في المدرسة.. ختاماً: كلّ عام والوطن، و”بناة الأجيال” الحقيقيون، أصحاب الضمائر الحيّة بخير..

عبد الحكيم مرزوق

المزيد...
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانوناً بمنح محامي إدارة قضايا الدولة بدل مرافعة شهرياً وإحداث صندوق مشترك لهم ردا على ما نشرته العروبة.. سيتم معالجة نقص المياه في الحارة الشمالية بالصويري ... مجلس الوزراء يناقش ويقر العديد من القضايا المتعلقة بالشق الاقتصادي والخدمي والتعليمي الجلالي: ضرورة ... سعر غرام الذهب ينخفض محلياً 25 ألف ليرة سورية جلسة دراسة قانون التجارة في حمص .. خلق بيئة استثمارية مشجعة و تبسيط إجراءات الترخيص ومواكبة التطور ا... 87 متقدماً لاختبار اللغة الأجنبية للقيد في درجة الدكتوراه بجامعة البعث الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 مصرف التسليف الشعبي ينضم لمنظومة الشركة السورية ‏للمدفوعات ‏الإلكترونية ‏ ضمن فعاليات احتفالية  أيام الثقافة السورية أمسية شعرية للشاعرين حسن بعيتي وأحمد الحمد... الطالب حسن وهبي من ثانوية الباسل الأولى للمتفوقين يحصد ذهبية في مسابقة التميز والإبداع على مستوى الو...