(كَشِيْش): هو الصّوت، الذي تُحدِثُه الأفعَى منْ جِلْدِها، لا مِنْ فَمِها، قَبلَ العَضّ! يقول شاعر: “كَشِيْشُ أفْعَى أجْمَعَتْ لِعَضِّ فَهِيَ تحُكُّ بَعْضَها بِبَعْضِ”! قد عزمتُ بهذا العنوان “الكَشِيْشِي” – الأفعوانيّ – المُستهجَن، إماطة اللثام عن وجوه عدد قليل أو كثير، من أولئك الذين يتستّرون تحت عباءة النّزاهة والأخلاق ، بينما هم أشدُّ رَوَغاناً منْ أفعى مُخاتِلة، أو ثعلبٍ مُخادِع، وأفعالُهم ومواقفهم، حيال أفراد مجتمعهم ووطنهم، تبدو لكلِّ ذي بصرٍ وبصيرة أعلى منْ “كَشِيْشِ” أفعى، أو قوّة عَضِّها، وأكثر أذيّة منْ “تسونامي” أعْمَى! فأفعالهم لا تُنبي عن سلوكٍ ناصع، عن شفقةٍ في القلوب، عن وعيٍ وطنيٍّ وأخلاقيٍّ وتربويٍّ مُتأصّل، خاصّة وأنَّ العواصف العَمْياء التي نواجهها، هي “تسوناميّات” قاسية، جاءتنا منْ وراء المحيطات، من خلف الشّياطين، بتخطيطٍ أمريكيّ – صهيونيّ – مُتثَعْلِب، وبتأييدٍ جائِرٍ من بعض “الأقربِين– الأبعدِين”، لتقتلعَنا جميعاً، منْ تربتنا والجذور، أو لتقتلنا طُرّاً، فماذا نحنُ فاعلون؟! وكيف يكون التصدّي لِرِياح العاصفة، وقسوة الحرب الظالمة، التي آلمَتْنا وأوْجَعتْنا، ودهَمَتنا، بِعُقْر بيوتنا وأوطاننا وطمأنينة أطفالنا؟ أبالتّضامن والتّعاضد؟ غايتي هنا، أنْ أكشف الغطاء عنْ أمثال هؤلاء، عنْ أفعالهم وسراديبهم، التي فيها نشأوا، ومنها انطلقوا، بِليالٍ حالكة السّواد، وأنْ أزيحَ اللباس المُخادِع، الذي لايزالون يتبرقعون فيه ويتجمّلون، ليتابعوا بثّ “كَشِيْشِهم” نحو فرائِسهم، توطِئةً للانقضاضِ عليها، فإلامَ نحنُ منتظرون؟ قد وقفتُ كغيري، واقعاً لا تَجنِّياً، على تصرّفات كثرةٍ منْ أرْباب الأساليب المُخادِعَة، منهم تمثيلاً: فئة الفَسَدَة، أعني الرّاشِين والمُرْتَشِين والرّائِشِين بينهم، وما يخلّفونه بِنفوس المواطنين من حقدٍ وألمٍ وقهر.. وقلّة أو كثرة من فئة التجّار الذين يرون شعبهم، يعاني صعوباتٍ اقتصاديّةً خانِقة، بفعل سياسة الإجرام والتّرهيب والضّغط، التي تمارسها ضدّنا “أمريكا”، دولة “الاستكبار العالمي”، التي تدّعِي زُوراً حماية حقوق الإنسان، و صَوْن حريات الشعوب، بدول العالَم الثّالِثِ.. أمثال هؤلاء التجّارٍ المُحتكرين، أو بعضهم، لا يخافون الله بعمليات البيع والشّراء، ولا يعيرون القوانين والتعليمات أدْنى قيمة، فإلامَ تبقى الجماهير صابِرةً مُحْتسِبَة، على هؤلاء ونُظَرائِهم؟ وإذا لم يقف تجّارنا مع وطنهم وشعبهم بأوقات الأزمات الاقتصادية، واشتداد العواصف، فمتى يقفون؟ والأهمّ متى يُرْدَعُون؟ مَنْ يُراقبُهم؟ مَنْ يوقفُهم عند حدودِ جَشعِهم؟ مَنْ يحاسبُهم؟ كيف يُعبِّرون – والوطن يعيش أزمة اقتصادية ضاغطة- عنْ تعاطفهم مع جَمْهَرة الفقراء، والنّاس “الغَلابة”، من أبناء بلدهم، وجِلْدتهم؟ أمْ أنَّ تهريمَ المال، وكَنْزَهُ، و “بَيْدَرَتَهُ”، وتحويله لِعملاتٍ صعبة، أو لِسبائكَ من الذّهب، أو إلى شاليهات وعقارات، ومزارع و”فيلات”، هو هاجسهم الأوّل والأخير، ضاربين عرض الحائط، بكلّ الزّفرات المُوْجِعَات، والآهات والصَّرخات؟! * * * واليوم، تكشّر أمريكا عنْ أنيابها، فتقوم – وهي التي تحتلُ جزءاً غالياً من أرض سوريانا العزيزة، ومن أراضي العراق الشّقيق – تحتَ جُنْحِ الظلام، بضرب الجيش العراقي، وكتائب “الحشد الشّعبي” الدّاعم، كأنّها لم تكتفِ بتدميره واحتلاله، بالعام 2003 ، وتحطيم جيشه، الذي كان سادس جيش بالعالم، من حيث القوّة والعدد والعتاد، واليوم ترسِل الأفعى “كَشِيْشَها”، استعداداً للعَضّ المُؤلم بالجسد العراقي، وبمقدّرات الشّعب، وهي التي رَعَت ودرَّبَت وسلّحت عصاباتِها الإجراميّة، وأرسلتها إلى العراق،(وإلى سواه)، لِتركِيعِه، وإشعال الفتن الطائفيّة والمذهبيّة والعِرْقيّة والإثنيّة، بين مكوّنات المجتمع الواحد، لتمزِيقه، وإضعاف جبهات المقاومة بعامّة، بالتّرهيب أو التّرغيب! الغاية من عملياتها الإجراميّة بسورية والعراق، وهذا بَدَهِيٌّ، أمران اثنان: (الاستيلاء على النّفط والغاز، وضمان أمن الكيان الصهيوني)، لهذا مارسَت اليوم، وتمارس، كلّ وقت، إجرامَها، لتحقيق هذين الهدفين الاستراتيجِيَين! * * * الذي يمزّق نِياط القلب، أنّ دَوْرَ الجامعة المُفَرِّقة، أو ما تسمَّى “جامعة الدول العربية”، ينحصر فقط بإصدار كلمات: الشّجب والإدانة، والاستنكار والتّنديد، على حين أنّ مواقف أمينها العام المُتواطِىء، ومَنْ لفَّ لفّه، مواقفُ هزيلة، لا ترقَى لمستوى اتّخاذ ردّات فعل إيجابيّة عربيّة رادِعة، بظلّ ما تتعرّض له غالبيّة شعوب وأراضي “بلاد العُرْبِ أوْطانِي..”، من إجرامٍ منظّم، وحصارٍ اقتصاديّ جائِر، ترعاهما أمريكا أوّلاً، والكيان الإسرائيلي تالياً، ومَنْ يدور في فلكِهما، ويذعن “اللاأمين”، خانعاً لجبروتهما وأوامرهما بآنٍ.. * * * ختاماً، فإنّ بيتيَّ الشِّعر التاليين، ربّما ينطبقان على حالِ أيّ بلد عربي، تتناوشُه أمريكا وحلفاؤها، بـنشر “الكَشِيْش”، والفَحِيح، والعَضِّ السّام: “ما أنتَ إلّا كَزَرْعٍ عِندَ خُضْرَتِهِ بِكلِّ شَيءٍ منَ الآفاتِ مَقْصُودُ” “فإنْ سَلِمْتَ مِنَ الآفاتِ أجْمَعِها فَأنتَ عِندَ كَمَالِ الأمْرِ مَحْصُودُ”…
وجيه حسن