لعلكم تتذكرون ماذا جرى عندما انتشر الجهاز العجيب
الهاتف الجوال –وعرفت فيه طريقتان : طريقة الخط والتسديد فاتورة شهرية –وطريقة البطاقات المسبقة الدفع ، فقد سارع أصحاب الحوانيت والمتاجر على اختلاف مبيعاتها إلى العمل في ملء البطاقات المسبقة الدفع ، فرأينا السمان والنجار والحداد والخضرجي وبائع الخردوات و..الكل يتسابق في الإعلان عن مركز لتعبئة البطاقات وكأن في الأمر فرصة تاريخية لا تتكرر ولا تعوض لتحقيق ثروة محترمة .
ومازالت هذه الظاهرة شاخصة للعيان في كل حي وفي كل شارع واليوم عندما أعلنت وزارة التربية انتهاء العام الدراسي بسبب وباء كورونا ، وقررت نجاح جميع طلاب الصفوف الانتقالية ، مع تعويض الفاقد التعليمي لهذا العام في بداية العام المقبل ولا أدري لم أسموه : الفاقد التعليمي على الرغم من أنه : المفقود التعليمي ، فالفاقد اسم فاعل ، والمفقود : اسم مفعول ، إلا إذا أرادوا تقليد الشاعر الحطيئة في هجائه الزبرقان بن بدر في قوله :
دع المكارم ، لاترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي والمقصود : المطعوم ، المكسي .
فما أن أعلنت وزارة التربية عن هذا الفاقد التعليمي الذي سيتم في المدارس في مطلع العام الآتي حتى سارع الكثيرون مسارعة أصحاب الحوانيت في ملء بطاقات الهاتف الجوال .
ولكن بطريقة مختلفة فامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات ما أنزل الله بها من سلطان ، وكل إعلان مصدر بصورة صاحبه الأنيقة ، ورقم هاتفه ، ومن شاء أن يعوض الفاقد التعليمي فعليه الاتصال بهذا الرقم وأخذ موعد قبل فوات الأوان وإغلاق باب المواعيد ، لأنها محدودة ، والفاقد التعليمي خطير إذا مابدأ العام الدراسي الجديد وظل مفقوداً !!
وهنا تساءل الكثير من الناس – ومن حقهم التساؤل – إذا كان الفاقد التعليمي خطيراً إلى هذه الدرجة أليس الفاقد المالي لقوة الليرة السورية الشرائية أكثر خطورة ، فلماذا لم نجد أحداً يطل علينا ويعدنا ولو وعداً بتعويض هذا الفاقد –المفقود المالي – ولم يضع لنا صورته الأنيقة ورقم هاتفه ؟!!
د. غسان لافي طعمة