بالأمسِ جاءني جارُنا أبو محمود يُبشِّرني بعودةِ المعونةِ بعدَ طولِ غياب وهو يقولُ : خذْ دفترَ العائلةِ والبطاقةَ الشَّخصيَّةَ وامضِ إلى المعونةِ قبلَ أنْ يتداركك الوقتُ .
تركتُ ما في يدي منْ عملِ وحملتُ أوراقي وهرعتُ إلى مركزِ توزيعِ المعونةِ .
تفاجأتُ بالرتْلِ الذي سبقني ، حوالي ثلاثين رجلاً في رتلٍ ومثلُ عددهم في رتلٍ آخر للنساءِ .
وقفْتُ بدوري دون تردُّدٍ وأنا أدعو أنْ أصلَ إلى الغايةِ قبل انقضاءِ اليومِ .
العمل يسير بشكلٍ جيِّدٍ وعلى قدمٍ وساقٍ والأعدادُ تتناقصُ أمامي ، بينما تزدادُ خلفي .
مرَّ الوقْتُ بطيئاً مملَّاً وثقيلاً حتى أصبَحْتُ أمامَ النَّافذةِ تماما في مُقدِّمةِ رتلِ الرِّجالِ ، فجْأةً يأتي ثلاثةٌ منَ الشَّبابِ يستقبلهم الشابُّ المسؤولُ عن تنظيمِ الدُّورِ بالتَّرحيبِ والقُبَلِ ويطلبُ منهم الوقوفَ أمامي .
اعترضْتُ ، وكانَ منَ الطَّبيعي أنْ أعترضَ ولكنَّ الشَّابَّ المسؤولَ عن تنظيمِ الدَّورِ امتصَّ غضبي بأنَ غمزَ لي بعينِهِ ، وعضَّ على شفتهِ السُّفلى ليقنِعَني أنَّ هؤلاءِ مهمُّونَ وليسَ ممنْ تطَبَّقُ عليهم لائحةُ الانتظارِ .
اعترضْتُ مع علمي الأزلي اليقيني بأنَّهُ لا فائدةَ منَ الاعتراضِ ، ولكنَّني ولقلَّةِ عقلي ولعدْليَ العريضِ ، وسلَّمي الذي أحملُهُ بالعرضِ كانَ لابُدَّ منَ الاعتراضِ ولو كانَ اعتراضاً ليناً خفيفاً لا يقدِّمُ ولا يؤخِّرُ ولكنَّهُ يمنحني بعضَ المعنويَّاتِ أمامَ نفْسي .
تراكضَ العاملونَ في المركزِ يحملونَ عنِ السَّادةِ معونتهم إلى سيَّاراتهم خارجَ المركزِ ، عندها أقْنعْتُ نفسي متوهما بأنَّهم مهمون خاصَّةً عندما رأيتُ سيَّاراتهم الفارهةَ اللمَّاعةَ .
جمال قاسم السلومي