باكرتها والزهر يشرق بالندى … كانت تتثاءب ، رمقتني بنظرة عجلى .. وقامت لتغسل وجهها ، وتمشط شعرها … وتحتسي فنجان قهوتها على شاطىء بحرها …!! .
يا لقهوتك اللذيذة كم اشتقت إليها .. على صخرة احتسي القهوة الصباحية وأمامي البحر الهادئ على غير عادة …!!.
قلت لك : هذا الصباح لي .. دعيه لي وحدي .. لكنك تمنعت وقلت صباحاتي لكل الناس .. الصغير والكبير ، العجوز والفتى ، الأمير والفقير … صباحي سوري لكل السوريين الذين يأتون لي .. لا أريد منهم سوى الكلمة الجميلة والشوق وتحية الصباح …!!.
يا طرطوس … ابتعد عنك وأنأى ، فأشعر بشوقٍ إليك ..!!.
أراك أقرب المدن .. وترينني أقرب العشّاق . أضع رجليّ في بحرك … فتأخذينني إلى عالم آخر ، خيالي ، فيه كل الشوق والحب والماضي الجميل … لكن يا سيدتي يا طرطوس نحن في الحاضر …!!
شوارعك تغصّ بصور المرشحين والمرشحات .. مثل حمص تماماً . الرطوبة الزائدة لا أشعر بها .. بل أتلذذ بها ، لأن من يحب يرى كل عيوب الحبيب جمالاً …!!.
ترشقينني بكلمات عتاب جميل لأنني منذ أشهر لم أزرك … صحيح ، معك حق لكنك في البال …
كورونا منعتني من ذلك … وانشغالي بالكتابة عنك وعن غيرك … وأخجل أن أقول لك… ضيق ذات اليد …!!.
مذ تعارفنا قبل عقود، كنت الحبيبة ، وكنت العاشق .. وكان بيننا كلام وسلام وأشواق… هذا متحفك يعرف ذلك ، وهذا بحرك يشهد بوفائي .. وهؤلاء أهلوك يعرفونني ، كما يعرفني الحمام في حاراتك القديمة .
أين أصدقائي ، يا بهية الروح ؟! أين من كانوا يقولون عني كلاماً جميلاً …أين صناع الحرف الجميل … أين حسن بعيتي وشعره المصفّى ، أين سعاد محمد وقصائدها النثرية المدهشة المضمخة بعطر الليمون وأين هيلدا مخلوف وقصصها المدهشة .. وكلماتها الجميلة شكراً وعرفاناً لـ ” العروبة ” التي استضافت على صفحاتها قصصها الجميلة … !!. أين نرجس عمران .. نرجسة القصيدة … أين وأين ؟!!
لكنني أنا المتهم ..!! لم أخبر أحداً بقدومي .جئت أتفقد الشوارع والساحات وألقي التحية على صور الخالدين ..شهداء سورية الذين قدمتهم طرطوس للوطن …!!.
جئت أهمس بإذنك أنني لا أحبك فحسب ،بل أموت فيك عشقاً وهياماً ..أنت وكل مدن بلادي …!!.
تقولين لي أنتم الحمامصة تعشقون فتعطون قلوبكم لمن تحبون ..وتزعلون وتنسون ..الحبيب إلى أمد ثم تعودون لتمطرونه بالقبل والحب بغير حدود …!!.وأعترف لك أنّ هذا ما يحصل معي …!!.
يابحر طرطوس الجميل ..أعد لي أحبتي الذين حملتهم إلى آخر الدنيا …أعد لي أحلامي برؤيتهم ينزلون من باخرة كبيرة لأحتفي بهم وأعانقهم رغماً عن كورونا…!!.
يا جبال طرطوس ..أعيدي لي لحظات الحب والأمان والسعادة التي أبحث عنها …!!.
يا أصدقاء الحرف ..معذرةً سأراكم في زيارات مقبلة ،سأدعوكم وأسمع أشعاركم ..وستقولون ” أنت ضيفنا ” وسأرد ” ليس بيننا ضائف أو مضيف …!!. هنا ينقلب الضيف ربّاً للبيت ويصير أهل البيت ضيوفاً عنده ..أليس كذلك ؟!!.وأنتم يا صغاري الأعزاء …تمتعوا بالبحر واللهو …فقد يمضي زمن طويل قبل أن أجلبكم معي …
عيسى إسماعيل