تزدحم الأحياء المخالفة بعشرات بل بمئات الآلاف من العائلات الوافدة من الريف إلى المدينة طلباً للعمل والسعي وراء رزق يومهم ، فتمددت هذه البيوت وتورمت المنطقة بشكل عشوائي ، لقد بدؤوا بغرفة وهاهم اليوم يسكنون بيوتاً بثلاث غرف أو أربع تناسب أحلامهم المتواضعة في إيجاد مأوى ، فنقلوا قراهم بكل ما فيها إلى المدينة من علاقات اجتماعية إلى طريقة العيش .. إلفة المكان .. مسيرة الشقاء الإنساني ليجدوا أنفسهم في مواجهة حياة قاسية ، من طرقات محفرة تاركة وراءها خطوطاً من الغبار في فصل الصيف ، تتسخ البيوت جراء الأحذية الملوثة بالطين في الأيام الماطرة.
إضافة إلى قلة مياه الشرب خاصة في الصيف فيضطرون لشراء الماء من الصهاريج التي وصل سعر الخزان فيها إلى خمسة آلاف ليرة سورية .
ومن المعروف أن مناطق المخالفات هي أكثر المناطق تفريخاً للبطالة نظراً لقلة الأعمال الحرة خاصة في ظل هذا الغلاء الفاحش والتي قلت فيها أعمال البناء إلا من قلة من سماسرة البناء الذين أدركوا أهمية المكان لإنشاء أبنية ذات طوابق عالية تدر عليهم أرباحاً طائلة …. آلاف من العاطلين عن العمل معظمهم من الشباب يسكنون تلك الأحياء ، ممن لم يسعفهم الحظ بتكملة مسيرة العلم ، فكان عليهم أن يبحثوا عن عمل حر إما باقتطاع غرفة من البيت وتحويلها إلى محل ( سمانة) أو محل بالة وغيرها من البضاعة المتنوعة أو يلجؤون إلى استئجار سرفيس للعمل عليه كسائق أجرة…
في الحقيقة ترى السكان موزعة أحاسيسهم بين هنا وبين قراهم البعيدة ومازالوا يحنون إلى قراهم وأراضيها الخضراء المريحة للنفس لقد تركوها مرغمين ولكنهم مازالوا محملين بآمال وأحلام كبيرة تبين لهم أنها محض أوهام .. خاصة اليوم بعد أن ضاقت الأحوال بالجميع وشكلت خناقا ضاغطاً على حياتهم المليئة بالحاجة المرة.
عفاف حلاس