قال لي : قرأت مقالاً يتحدث صاحبه عن المنظمات السلفية والتكفيرية الإرهابية ، يرى فيه أن – النيكروفيليا – هي في القلب من بنيانها الفكري ، وأن أعضاء هذه المنظمات كلهم مصابون بالنيكروفيليا .
قلت له : لقد أصاب كاتب المقال كبد الحقيقة وسأشرح لك لماذا هو مصيب دقيق في وصفه أعضاء المنظمات التكفيرية الإرهابية بالنيكروفيليا ؟!
أولاً : النيكروفيليا من مصطلحات علم النفس التحليلي ، فهو مرض نفسي كما رآه مؤسس هذا العلم: سيغموندفرويد ، وتلامذته .
ومن مظاهره الأكثر بروزاً : العبث بعظام الموتى ، والهوس بكل ما له علاقة بجسد الميت .
وهنا تذكر يا صديقي فتاوى شيوخ المنظمات التكفيرية في حق الزوج أن يضاجع زوجته بعد موتها ، وتذكر كم قام التكفيريون الإرهابيون بمضاجعة نساء ميتات .
بالإضافة إلى عبث التكفيريين بعظام الموتى بعد نبش قبورهم ونبش قبر أبي العلاء المعري وغيره كثير كثير .
وثانياً : النيكروفيليا ظاهرة على المستوى الاجتماعي درسها كارل ماركس حين أشار إلى أنها أحد وجوه العلاقة بين رأس المال المسيطر والعمل المأجور ، بمعنى آخر هو سيطرة العمل الميت أي رأسمال على العمل الحي أي العمل المنتج المأجور .
والتكفيريون الإرهابيون استخدموا رأس المال الميت الذي يضخّ من دول الخليج لتدمير العمل الحي في سورية فدمرت المزارع والمصانع والمدارس والمعاهد والجامعات وكل أشكال العمل الحي لصالح العمل الميت – رأس المال – في أمريكا والكيان الصهيوني وأذنابهما في الخليج .
وثالثاً : النيكروفيليا ظاهرة لا تقتصر على الفرد كمرض نفسي هستيري ،ولا تقتصر على المجتمع الرأسمالي في سيطرة العمل الميت – رأس المال – على العمل الحي – العمل المأجور – وإنما تمتد هذه الظاهرة لتأخذ بعداً رمزياً وتأويلياً في الثقافة ، إذ تتجلى في سيطرة الفكر الميت على الإنسان الحي .
فالسلفيون الذين يمجدون الماضي دون غيره ، ويجعلون منه بنية ثابتة ذات معانٍ وأسرار تفرض علينا نفسها بوصفها قوة خارج النقد ، والماضي هنا لا يقصد به التراث لأن في التراث محطات مضيئة نورها يتجاوز المكان والزمان ، ولكن المقصود هنا بالماضي ما تحجّر لأنه كان قاتلاً في زمانه كما هو قاتل في كل زمانٍ ومكان ، وتذكروا فتاوى ابن تيمية وابن قيم الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب وما جرته من جرائم في زمانها ، وما بني عليها من جرائم بحق البشر والشجر والحجر في زماننا !!
د.غسان لافي طعمة