أكثر ما يلفت النظر تلك المنشورات التي تدعو للتعقيم المستمر وغسل الخضار جيداً قبل تناولها احترازاً من الإصابة بجائحة كوفيد 19 لنجد أمامنا خضاراً مروية بمياه المجارير القريبة من الحقول المزروعة بالبندورة والباذنجان والفليفلة والبقدونس والخس والبطاطا وغيرها من الخضراوات الأخرى التي تغلغلت في أجزائها الملوثات المتنوعة , إننا نشم رائحة الوباء من خلالها ليتولد القلق والخوف يزحف إلى نفوسنا وذلك لأن بعض المزارعين لجؤوا إلى سقاية الخضار بتلك المياه كون ذلك لايرتب عليهم أعباء مادية كبيرة من مصروف المازوت الذي ارتفع سعره كثيراً إضافة إلى تكلفة حفر الآبار الارتوازية والتي تحتاج إلى سيولة مادية كبيرة في أيامنا التي تشهد غلاء فاحشاً , ناهيك عن أن الجهات المعنية قد منعت عملية الحفر حتى لا تتأثر المياه الجوفية وتتعرض للجفاف .
إن مياه المجارير ملوثة وتؤثر على صحة وسلامة المواطنين وتشكل بؤرة لانتشار الأمراض , يلجأ إليها المزارع ليحقق من خلالها ربحاً معقولاً يكفيه شر العوز والحاجة لكن الخضار تأتي إلى المواطن وهي غير صالحة للاستهلاك البشري والتي من الممكن أن تسبب ضرراً صحياً لا تظهر نتائجه سريعاً و ربما تتأخر الإصابة بالمرض إلى حين من الزمن … مزارعون آخرون يعتمدون في سقاية أراضيهم الزراعية على انهار عميقة وتجمعات للمياه انتشرت بكثرة وباتت بؤراً للحشرات والقوارض تحوم حولها طاردة أمامها الماء النقي , وتعد تلك الحشرات ناقلة نشطة للأوبئة والأمراض , حتى أصبح المستهلك يشم روائح كريهة في الخضار سالفة الذكر والتي تفقد طعمها ونكهتها المعهودة ورائحتها الندية التي كنا ننعم بها في الماضي إضافة إلى الإسراف في تسميد الأرض لتنتج أكبر كمية من الخضار , لذلك لابد أن نكون واعين لهذه الأخطار المحدقة بنا من كل جانب من جوانب حياتنا الراهنة من خلال مراقبة مياه الأنهار ومصادر المياه وعدم رمي النفايات في مجاري الأنهار والآبار القريبة من الحقول .
ألا يكفي المواطن غلاء وغش لتتكالب عليه المنغصات والأهوال وضغوط الحياة التي تضخمت وتسرطنت لأسباب متلاحقة فلنقرع جرس الإنذار ولنساهم معاً في قمع تلك الظاهرة المؤذية للمزارع وللمستهلك على حد سواء والتي تلوث التربة وتعيث فساداً في البيئة العامة حولنا .
عفاف حلاس