ما إن نشعر ببوادر انفراج أزمة حتى تأتينا أزمة أخرى على بساط الريح ..
فأزمة المازوت بدأت تظهر مع ظهور شيء من الخوف من الطقس القادم والمبشر ببرد قارس وقاس ..
أزمة تتجدد وتظهر كأسطورة لتشكل حلفا ً وصداقة دائمة مع مشاكل أخرى كإنقطاع الكهرباء المتواتر وحرماننا من حل آخر هو المدفأة الكهربائية وغيرها لتمتص راحة المواطن وهناءه في عتمة البحث عن حلول ..
المواطن المهموم بات ينظر نظرات متفحصة في حال ظهور أحد صهاريج المازوت لنشهد بعدها طوابير مكدسة للظفر بالمادة وسط تزاحم وصراخ وفوضى خوفا ً من الوعود الكاذبة المقدمة من موزع المازوت بالعودة لتزويدهم بالمادة لاحقا ً ..
وهنا يلعب البائع لعبته البلهوانية وكأنه في سيرك ليعرض على البعض من المنتظرين سرا ً كمية أكبر من المازوت مقابل دفع مبلغ إضافي يعد باهظا ً في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها نحن أصحاب الدخل المحدود من غلاء المواد الحياتية بالكامل لتجعل الراتب يبدأ بالتبخر من أول الشهر وليمتص القلق رحيق روحه المتعبة ..
ما لفتني في أحد مشاهد توزيع المازوت وجود امرأة طاعنة في السن تظهر عليها علائم الإعياء قد افترشت الأرض وكأنها جالسة في تشييع جنازة مادة المازوت، تتقاذفها أرجل الرجال والأطفال الواقفين في زحمة الوصول إلى المادة دون أن يحصلوا عليها ..
فإلى متى يستطيع المواطن أن يقاوم في ظل غياب المادة ؟.
ليتساءل ويفكر بصوت عال ترى هل جفت الحلول وخرج الأمر من دائرة اهتمام المعنيين ؟
ربما الجواب «نعم» هو مايجرح قلبه ويجعله يعود إلى مدافىء الحطب الأكثر توفرا ً في الطبيعة لتدفىء أيامه الباردة وتعيده إلى جاذبية الحياة القديمة بتراثها وعفويتها وربما رومانسيتها ..
عفاف حلاس