شجرة سنديان من أشجار وطننا , تمتد جذورها إلى أوغاريت وقدموس وماري واينانا وأفاميا وتدمر , شربت من ماء بردى والعاصي والفرات وأشبعت بشمس قاسيون والحرمون , فكانت شامخة شموخ المجد , شموخ ميسلون ويوسف العظمة , شموخ جبل الشيخ وتشرين الانتصار , فكيف لايظل واقفاً باسقاً على الرغم من العواصف والأعاصير العاتية التي عصفت بسورية وكيف لا يموت أو يرحل عن دنيانا الفانية شامخاً باسقاً كما عاش ؟!
إنه وليد المعلم , المناضل الوطني والمعلم الدبلوماسي والمقاوم الذي أعطانا وأعطى العالم دروساً في الثبات على المبدأ والصمود من أجل الحق ومواجهة العدوان بالموقف واللسان .
أحببناه مذ عرفناه , وكنا نتابعه موقفاً بعد موقف ومؤتمراً بعد مؤتمر ونحس أنه يمثلنا أحسن تمثيل واشتد حبنا له وازداد إعجابنا بذكائه وبسرعة بديهيته منذ بدأ العدوان الكوني على وطننا سورية فكان المقاوم الصلب والوطني الجريء والسياسي المحنك والدبلوماسي المعتق , وقف في وجه وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية : جون كيري وأسكته قائلاً له : اسكت أنا القادم من دمشق ولست أنت !!
وفي مؤتمر عقد في مدينة الدوحة العاصمة القطرية سمعنا الشيخ حمد بن جاسم وزير خارجية قطر يقول للأستاذ وليد المعلم وهو يعبر بجانبه : أبا طارق . مئة مليون دولار .. تكفي ؟! فلم يلتفت إليه المعلم وإنما أشاح له بيده من خلف ظهره قائلاً : الشام أغلى من ذلك بكثير !!
وحمد بن جاسم هو نفسه الذي اعترف على شاشة الجزيرة بهمجية نظامه , ورعوية تفكيره وهشاشة عظامه عندما عبر عن أسباب خلاف قطر مع السعودية بالقول :” تناوشنا على الصيدة – سورية – وفلتت منا الصيدة , وبقينا نتناوش ..”وهو الذي صرح بأن قطر صرفت مئة وسبعة وثلاثين مليار دولار لإسقاط الدولة السورية ولكنها لم تسقط وبقي الأستاذ وليد المعلم وزير خارجيتها باسقاً شامخاً حتى لحظة رحيله عن دنيانا الفانية . فالأشجار تأخذ عمرها وترحل ولكن الأرض تبقى والأشجار تتجدد , وتبقى ثمار من رحل تشهد عليه طويلاً طويلاً .
كما أذكر أن المفكر البريطاني باترك سيل في كتابه عن القائد المؤسس ” حافظ الأسد ” ذكر الأستاذ وليد المعلم مع نخبة من الدبلوماسيين المعتقين كموفق العلاف و جورج طعمة وميخائيل وهبة وصباح قباني الذين حرص عليهم القائد المؤسس حافظ الأسد بعد الحركة التصحيحية , وتبقى الحياة وقفة عز !!
د. غسان لافي طعمة