اختتمت فرقة المسرح الجامعي فرع جامعة البعث عروض مهرجان حمص المسرحي الثالث والعشرين بعرض مسرحي كان مسك الختام حمل عنوان كائنات من ضوء وهو نص وإخراج حسين ناصر .
كائنات من ضوء مجموعة من المونولوجات والمشاهد التي صاغها المؤلف والمخرج عبر ساعة من الزمن ليقدم بعض الحالات الانسانية التي جاءت من عمق المجتمع السوري خلال سنوات الحرب الكونية والتي أظهرت مدى الجرح السوري العميق وهي نماذج معظمها ايجابية ونقية لذلك كان اللون الأبيض هو اللون المسيطر على أزياء الممثلين والممثلات الذين بدؤوا بتجسيد القصص التي أرادها المخرج والتي تقاطعت مع بعض القصص التي قدمها المخرج المؤلف في عرض المهرجان الماضي معتمداً على أسلوب عرض اختاره في إخراج قصصه الممزوجة بالهم السوري فطاقم العرض كان يتجمع على شكل دائري منتصف المسرح التي تحوي شمعة مشتعلة كان الممثلون يضعون أيديهم فوق الضوء لينهلوا قصصهم التي بدأت بنماذج تشبه البوح من أربع فتيات كن يتقدمن المسرح حيث تروي كل واحدة بعض الحالات الانسانية التي تسبق انتظار العريس الذي يتم عادة من خلال اختيار الأهل وتنتهي تلك القصص بنهاية غير مرضية بسبب الاختلاف وعدم التوافق بين الرؤية التي تتوق إليها الفتاة والمقاييس التي تطلبها بالعريس المنتظر من حيث الوسامة والرومانسية معتمداً على بعض المفارقات التي كانت ترسم الابتسامة على وجه الجمهور معتمداً على التصاعد برواية القصص حيث تأثير الحرب الكونية التي جعلت الكثيرات يفقدن أحبة لهن استشهدوا أثناء محاربة العصابات الإرهابية حيث تروي إحدى الشخصيات عن ارتباطها بشاب ذهب لخدمة العلم وحين عاد لم ينطق بكلمة ، حاولت أن تحادثه ، أن تطلب منه الكلام الابتسام ولكنه كان صامتاً لم ينطق بحرف في إشارة إلى عودته شهيداً قدم روحه على مذبح الوطن ليكون الوطن عزيزاً وقوياً ونقياً كنقاء قلبها الذي انتظر وانفطر حزناً على أغلى ما كانت تملك ..
كما يقدم العرض نماذج شابة من خلال قصص أخرى عن شباب فقدوا أهلهم وأحبتهم وقرروا في لحظة ضعف أن يغادروا الوطن ومع ارتفاع وتيرة المونولوج الداخلي يعلن أن الوجع الذي تعرض له بذلك الفقد لحبيبته التي راحت ضحية الحرب الكونية واستشهدت إثر قذيفة وفي ذروة الحدث يقدم تساؤلات لماذا يبقى ولمن يبقى في هذا الوطن الذي فقد فيه أهله وحبيبته وفي لحظة تشبه البرق نراه يرمى جواز السفر معلناً أن لابديل عن هذا الوطن الذي أحبه ومازال يقدس ترابه ..
نماذج أخرى تروى عبر شخصيات اختارها المخرج عن مدرب للرقص يعرف طالباته اللواتي تدربن عنده على الرقص من خلال حركاتهن ومن خلال ملمس أيديهن وكذلك حبيبته التي عاهدته على الحب ولكن حين يفقد بصره فإن حبيبته تتخلى عنه ويبقى راقصاً ماهراً يعرف كل واحدة من طالباته وأسماءهن من خلال الحركات الراقصة ..
إنها قصص من عمق المأساة اختارها المخرج « الناصر « من خلال تلك التوليفة التي قدمها والتي اختار لها مساحة المسرح بفضاءاتها الواسعة معتمداً في تقديم قصصه على آلة البيانو والإيقاع والغيتار وأصوات المطربين علي الشيخ وحلا طراد اللذين كان دخول أداءهما الغنائي بشكل جميل يتقاطع مع الأداء المسرحي بشكل جميل ومتقن اضافة الى مجموعة الراقصات اللواتي أبدعن الرقص الجميل الذي كان يبدو في بعض المشاهد قريباً من رقص الباليه إضافة إلى إتقان بعض الحركات الراقصة في مشهد مدرب الرقص الذي فقد بصره أثناء الحرب الكونية .
لقد استطاع الفريق المسرحي الذي تألف من آلاء سيجري – لما شحادة – نور الحواك – ديانا إدريس – مايا الحسن – ستيفان برشيني – محمد خباز – جورج الحايك – عمار موسى – خضر الخضر من تقديم أداء جميل ومدهش وخاصة في اللحظات التي يصل فيها الممثل الى ذروة الفعل المسرحي التي أضاف عليها بعضاً من أحاسيسه التي جعلت الأداء يبدو أكثر صدقاً وتماهياً في الحالة المسرحية المطلوبة .
كائنات من ضوء.. اسم على مسمى وكان عرضاً جميلاً حمل نقاء قلوب السوريين .
المزيد...