قديما كانوا يتغزلون بالفتاة الجميلة التي توردت وجنتاها فيقولون لها وجه كرغيف خبز إذ الرغيف كان يخرج من التنور طازجا مصطهجاً بين يدي ربات البيوت قد صنع من قمح أرضهم البكر معدّاً للاستهلاك المنزلي أما اليوم فذاك التشبيه بات نوعا من المذمة في حق فتاة جميلة إذ لم يعد لرغيف الخبز تلك الميزة و الذي احترق وجهه و اسود و تعجن و كأنه بات خارجاً من لهيب تنور حياتنا الحاضرة لينقلب و يصبح كوجه هزيل لفحته أشعة الشمس تعرض لها نهارات كاملة طلبا للدفء في ظل انقطاع وسائل التدفئة كافة .. مازوت .. كهرباء .. غاز
فلم يعد لرغيف الخبز نكهته المعهودة قديما و لا مطابقا للمواصفات في طريقة صنعه مع أنه الغذاء الأهم في حياة البسطاء و محدودي الدخل يعتمدون عليه في حياتهم المعيشية سابقا و
لا حقا, و المستهلك مضطر لشرائه وتناوله حتى بعد أن ارتفع ثمنه و خف وزنه لكنه ابتلي بتكديسه في محال المعتمدين من المساء و حتى الصباح لتظهر فيه الأخاديد و المنعرجات كحالة طرقاتنا المتآكلة إضافة لما تظهر عليه من طعوم مختلفة وهدايا متنوعة لتتلقف الرغيف تجار الخبز اليابس بسعر زهيد فيدفع المواطن ثمن ربطة الخبز مضاعفا مرة لغلاء ثمنها و أخرى لمواصفات الخبز السيئ إذ لم تعد تكفي ربطة الخبز لنصف وجبة للأسر الكبيرة العدد يتحول بين أيدي أطفالها إلى فتات, ويصبح عرضة للهدر و التبذير في حال محاولتهم لف زواداتهم من السندويش للمدرسة و هم في أمس الحاجة للقمة الخبز في ظل الضائقة المالية التي يمرون بها و يشكل عائقا أمام قدراتهم المادية المتواضعة الذي يعد فيه الخبز صمام أمان للحالة المعيشية في البلد …
عفاف حلاس