قبل عشر سنوات , كنت هناك , في المؤتمر العربي الصيني للتعاون الإعلامي المنعقد في بكين عام 2011 , وقد شمل الاستعداد للمشاركة في المؤتمر إعداد ورقة عمل كلفني بها وزير الإعلام آنذاك بصفتي رئيساً للوفد العربي السوري إلى المؤتمر .
وتشمل الورقة عرضاً للمؤامرة الكونية الإرهابية المدعومة من أمريكا والصهاينة وبعض العرب وقد كتبت باللغتين العربية والانكليزية وتم توزيعها على أغلب وسائل الإعلام التي زرناها في الصين ..!!
باستثناء الورقة السورية والجزائرية والفلسطينية , لم تتعرض أوراق الوفود العربية الأخرى إلى القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وممارسات العدو الصهيوني من احتلال وتدمير وحرق أراض وقتل..!! والتضييق الإعلامي والثقافي وسرقة التراث الفلسطيني من قبل الصهاينة ..!!
والحق يقال , إن المرء يشعر بالخجل مما كان يحصل داخل جلسات المؤتمر واللقاءات مع وسائل الإعلام الصينية , وكان ( ممثل جامعة الدول العربية ) في المؤتمر الدكتور طارق عبد الحق الذي لم يستطع ضبط الأمور , وهو رئيس عام لكل الوفود العربية وكان الرجل يمضي وقته بإجراء الاتصالات اليومية المتعددة مع القاهرة للاطمئنان على سير حملة الانتخابات الرئاسية , يومها , لأنه موعود بمنصب كبير كما قال لي وعندما طالبته بأن يعلن موقف الجامعة العربية مما يجري في سورية قال لي ( عاوزني أضيع فرصة العمر ..) وفسر لي كلامه بأنه كعربي شريف يدين المؤامرة الإرهابية التكفيرية على سورية ولكنه كدبلوماسي ملتزم برأي الجامعة وأمينها العام يومها – أبو الغيط –والتزم الرجل عدم ذكر ما يجري في سورية …!!
وفي أثناء زيارتنا لصحيفة ( الشعب ) الصينية لسان حال الحزب الشيوعي الحاكم , ورد خبر عاجل هو ( الفيتو الروسي الصيني المزدوج ) لإجهاض خطة واشنطن ومن يدور في فلكها بشأن ما يجري في سورية وإحالته إلى مجلس الأمن – الفصل السابع – وفي لقائه معنا قال : ( شوان هاو ) كبير المحررين في الصحيفة التي توزع عشرين مليون نسخة يومياً , إنه لم يكن يتوقع أن تستخدم الصين الفيتو ولكنه أمر جيد وهذه كانت المرة الأولى في التاريخ التي تستخدم فيها الصين الفيتو مع روسيا .
فشلت الجامعة العربية في تحقيق أدنى تنسيق أو تعاون عربي وزادت على ذلك بتجميد عضوية سورية الدولة المؤسسة فيها مخالفة النظام الداخلي للجامعة , واليوم ثمة أصوات , من هنا وهناك , تقول بعودة سورية إلى الجامعة وهذا خطأ فادح فسورية لم تخرج من الجامعة لتعود إليها والأصح القول إن الجامعة العربية سوف تعود إلى سورية وفي هذه الحالة ترفع الجامعة طلباً إلى سورية تدعوها للعودة إلى مقعدها الشاغر في الجامعة , وهنا تدرس سورية الطلب وترد عليه سلباً أو إيجاباً من منظور وطني وقومي ..!!
لم تستطع الجامعة العربية حل مشكلة عربية , ولا ساهمت في تعزيز أي نوع من أنواع التعاون العربي .. وفي الحد الأدنى للتنسيق في قضايا غير هامة انحصر دورها مثل تنظيم مؤتمرات القمة العربية .. وتحديد موعدها والدولة المضيفة ..!!
نقول هذا دون أن ننسى نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس رداً على خيانة السادات وتم ذلك بجهود حثيثة من قبل سورية والجزائر والعراق وليبيا وفلسطين ولبنان واليمن , أما باقي البلدان فكانت تحبذ بقاء المقر في القاهرة , وعدم مقاطعة السادات ..!!
عيسى إسماعيل