كان التواصل بيننا على الهاتف فقط .. سؤال فجواب عن أيام مرت بها بعد التهجير القسري بسبب الارهاب التكفيري لتقول :« صحيح أن الحياة لم تنته بعد , لكن شبح الفقر بدأ يخيم في منزلنا المستأجر منذ سنين , ومازلت مصابة بداء اليأس » ..
إذ لا قريب ولا صديق يقف الى جانبها في سنوات المحنة بعد أن مات زوجها وترك لها ابناً مقعداً تدور من مكان الى مكان بحثاً عن منزل أقل أجراً ..
حتى أقبية المنازل طرقتها رغم عفونتها وقلة الخدمات فيها.
و بدا المؤجر كممثل بارع يجيد أداء دوره في الترغيب بميزات منزله وتعداد محاسنه يخفي ما يخفيه من عيوب ونواقص لم تكتشفها إلا حين استقرت بالمنزل , ليطغى شعور جديد عصي على المناقشة يومئ بأن مرحلة قادمة من العذاب قد بدأت وعليها الاستعداد تماماً للمعركة بما يداخلها من تشويش وقلق وهي تدعو ربها « استرها يارب فالآتي أعظم «.
إذ ما أن يدق صاحب المنزل الباب ليتقاضى الأجرة حتى يستولي عليها الكثير من الخوف تجعلها تعد الدقائق والثواني حتى يفجر قنبلته الموقوتة بزيادة جديدة في أجرة المنزل ..
يتمطى في داخله الطمع كل بضعة أشهر فيظهر خشونة في التعامل إذا لم تستجب لطلبه , لتحسم المعركة بالخروج من المنزل ..
فتبدأ من جديد نقطة الانطلاق في البحث عن منزل آخر حتى ولو كان في أقاصي المدينة , لتتوهم أن الغيمة التي كانت مخيمة على حياتها قد زالت لكن الهم بلغ مداه في بيوت ملأتها رائحة الرطوبة والأمراض المزمنة وما يتبعها من أزمات ارتفاع أجرة البيوت .
لتفكر بجدية أن تعود الى بيتها نصف المهدم فرغم كل شيء فإن بساطة البداية هي فأل خير ربما تعيد الى القلوب المكلومة بعض الأمل المفتوح على عشرات الاحتمالات لتلك العودة غير الآمنة , كون المنزل غير مهيأ تماماً للسكن..
هي مغامرة ولدت انتعاشاً لانجد لها سوى المباركة , على الرغم من تقصير الجهات المعنية التي لم تمد يد المساعدة المناسبة بأي تعويض للأهالي يكون بمثابة شهاب يضيء حياة الأسر المهجرة ويمنحهم القدرة على الثبات والاستقرار ..
أولئك الذين ذاقوا ماذاقوه خلال سنين الأزمة , ومازالوا لاهثين وراء الحلول فلا مجيب ولا معين .
عفاف حلاس