/أبجدية أنهار /عنوان لافت للمجموعة الشعرية الجديدة للشاعرة هيام جابر عبدو .والعنوان يحمل لوحة للحياة حيث الأنهار ،تخط على الأرض أبجدية الخير والنماء والماء الفرات للشاربين .ومن هذا العنوان –العتبة ،ندخل إلى عالم المجموعة النثرية ..وقد باتت /قصيدة النثر /كما يسمونها ،منتشرة ولها حضور على الرغم من الأصوات التي تقول (هذا نثر ..وليس شعراً )
في قصيدة /قل ما تشاء /ثمة صور موحية ،بعبارات مكثفة والمخاطب دائماً هو /أنت /البعيد ،الذي يحضر في الحلم ،وهو رمز الأمل والتجدد والحياة القادمة التي تزيل كل هم وغم وتجمع الأحبة …وهذا الغائب يبدو صامتاً ،يستمع لها ،والصمت ربما يكون أبلغ من الكلام نقرأ :
قل ما تشاء فهذا القمر لك
ولك أنواره الحانيات
ينسكب على الأمواج زرافات
ربما يحلو لك أن تكتبني قصيدة
لتمثل الأوقات
همسك المجنون …يعيد لي رشدي فقل ما تشاء
وفي قصيدة /أبجدية أنهار /يتكرر هذا البوح للمخاطب ،البعيد عن العين ،لكنه متخيل في الحلم ،وثمة شوق يتأجج له وحنين مشتعل وهيام ،والهيام أشد أنواع الحب …تقول :
أسرجت أحلامي إليك
وفي بحرك ما أحلى العوم
يا ليلي المطرز بطيفك
متى الحلم ينام ،ويترجم إلى نهار
حباً ،غراماً ،هياماً
وأبجدية أنهار
وفي نص عنوانه ( حنين ) يتجدد الحنين الذي نراه في كل القصائد قي هذه المجموعة , حنين إلى ( الآخر ) الغائب ’ البعيد , الذي يشعل الأنثى الحبيبة شوقاً , فقد أضناها الهوى ويعذبها البعاد .. نقرأ :
همهم الحنين معلناً
ساعة وصوله
أيقظ نومي الباهت
وقف طيفك باسم العينين
ضاحكاً
يجلس من جديد في قلبي
يغمغم بكلام مبهم
:أنا سراب
هو الانتظار والشوق الذي هو موضوع كل قصائد المجموعة لكنه انتظار لا يغيب الأمل عنه , بحضور مشرق للحبيب البعيد , الحلم يتجدد والأمل يتجدد , ومكان الغائب في القلب .. سيأتي ويأتي معه النور والضحك . نقرأ في قصيدة ( بنفسج ضاحك )
وتشرق شمسك على حزني
فيهتز العليل من رائحة الطيب
يلوح في الأفق وجهك الحبيب
أضحك من قلبي
وثمة صور مدهشة , في قصائد الشاعرة هيام جابر عبدو , هي أشبه بومضات شعرية ترتكز على الصورة . نقرأ :
من نافذة بلورية
يتسرب البحر ببطء
حمل على أكتافه نوارس عاشقة
بأناقة بيضاء يعانقني
يقدم لي وليمة ذكريات …
كل قصائد المجموعة في الغزل والبوح وانتظار الحبيب , عدا قصيدة واحدة بعنوان ( زفة شهيد ) تهديها الشاعرة لشقيقها الشهيد ( سهيل ) وفيها تمجيد للشهادة والشهداء نقرأ:
بزغاريد وأرز وأهازيج
يحملونك أيها الشهيد
وحناجر بكبرياء تقول
كان ” سهيلاً ” فارساً
يلين له الحديد
ارتقى ملاكاً .. استقبلته الشمس
وقالت : خبأته في الأعالي .. انتظروه
كل صبح وكل عيد
ونوافق الناقد العراقي ماجد حميد الغراوي , الذي قدم للمجموعة ومما قاله : صورة لانتظار حبيب لن يأتي وسط مشاعر حزن لها مدلولات واضحة عاطفة صادقة ونفس توافة إلى الأمل حتى ولو كان الأمل حلماً في غابات الانتظار ..
عيسى إسماعيل