تحية الصباح .. حال الدنيا …!!

قبل أكثر من نصف قرن حدث ذلك ..هي حكايات تحتل مساحة من الذاكرة…والذاكرة لها وظيفتان كما يقال :الحفظ والنسيان …لعلنا حفظنا أشياء ..وضاعت من ذاكرتنا أشياء كثيرة , والقول إن الإنسان يحفظ بذاكرته الأشياء التي يحبها والأحداث التي تسره وينسى الكثير مما لا يسره ،قول ليس له ما يؤكده في دراسات علوم النفس .

تعربشت بثوب أمي الجميل ،وكنت في الأول الابتدائي عام 1964،ورحت أبكي ،لأنني أريد الذهاب معها إلى “العرس “.فثمة صبية كان عرسها ذلك اليوم ،وهي من صبايا الضيعة ،وبيت أهلها في وسطها واستجابت –رحمها الله – لرغبتي الطفولية فحملتني ،مع أني بإمكاني المشي ،لسبب لا أعرفه ،لكنني عرفته بعد قليل من انطلاقنا ،وهو أنّها لا تريد لحذائي أن يلوثه الوحل ،فالمطر ينزل بهدوء ….!!

كان بيت “رمزية “العروس ممتلئاً بالصبايا والنساء ،وكان ثمة رجال في غرفة (المنزول ).

أعود لأقول إن أمي فتحت الصندوق الخشبي المزخرف وأخرجت ملابسها منه ،فهو بديل خزانة الملابس هذه الأيام ، كما أخرجت حذاءها اللامع , كانت ثياب النساء الطويلة ،وغطاء الرأس له ألوان متعددة .

وزع أهل العروس الملبس والكرميلا على الحضور وراعني  أن          ” أم رمزية ” كانت تبكي بصمت .. فقد أصرت أمي على أن أكون معها في غرفة النساء اللواتي يودعن (رمزية ) متمنيات لها زيجة موفقة ,وقد أغاظتني واحدة منهن عندما  اعترضت على وجودي بينهن لأنني على حد قولها لست طفلاً بل ” شنتيراً ”   .. وردت أمي أنني جميل ومهذب وأن – تلك الصبية – تتمنى في سرها أن تحصل على عريس مثلي …!!.

ولا أزال أذكر كيف أن أبا رمزية دخل الغرفة ، فوقفت العروس والتقطت يد أبيها و قبلتها .. دامعة العينين فرحاً وحزناً وقال لها :

( ياالله .. هيا يا ابنتي .. وفقك الله ).

كان الحصان عند باب الدار .. اعتلت رمزية صهوته وكان له سرج أنيق مزين بالألوان .. وثمة رجل – هو العريس –  قاد الحصان ، وثمة رجال هم أشقاؤه ووالده  مشوا وراء الحصان ..!!

ومشينا نحن الأولاد  والأطفال وراءهم حتى طرف القرية حيث غابوا بعد قليل وراء الجبل ..!! ولأنني طفل حشري ، كما يقولون ، رحت أسأل أمي : – ( أمي لماذا أخذوا رمزية ؟!1)

(أمي ألا يوجد في الضيعة شاب يأخذها .. فتبقى .. ويبدو أن أمي ضاقت بأسئلتي الكثيرة ، فلم تجب إلا عن بعضها وعندما سألتها لماذا أخذوا رمزية أجابت  حتى تساعد زوجها في العمل في البيت والأرض ؟!) وعقبت على جوابها بالقول :

(ولماذا لم تبق في بيت أهلها وتساعدهم في العمل في البيت والأرض ..؟!).

هنا صرخت أمي – رحمها الله- بي وقالت: ( كف عن  هذه الأسئلة ياولد ..!!)

ليتني بقيت  ولداً..!! لأنعم بدفء حنانك !! رحمك الله .. ورحم الله         ( رمزية ) التي خلفت شباباً وصبايا .. وهذا حال الدنيا …!!.

عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار
هيئة الإشراف على التأمين: استئناف خدمات التأمين الصحي للقطاعين الاقتصادي والإداري مخفر مركز حماية الغابات يلقي القبض على محتطب مخالف في ضهر القصير ... بهدف رفع التلوث عن محيط نبع التنور .. محطة معالجة أبو حوري- الناعم في مرحلة الاستلام الأولي .. الرئيس الشرع يعقد اجتماعاً موسعاً مع وزير التربية والتعليم لمناقشة الاستراتيجيات الشاملة لتطوير المن... أسواق حمص القديمة تنفض عنها غبار الحرب وتتعافى.. الانتهاء من أعمال الترميم وتفعيل منظومة "النت الضوئ... مسؤول أممي: حان الوقت للاستثمار في سوريا لتأمين مستقبل أفضل لشعبها وزارة الخارجية والمغتربين تصدر بياناً بخصوص الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد تفقد مراحل تنفيذ مبنى المصرف العقاري في حسياء الصناعية .. الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون توقع عقداً مع الشركة القطرية ‏للأقمار‏ الصناعية سهيل سات لبث قناة ا... وزيرا التربية والتعليم والتنمية الإدارية يناقشان وضع آلية تنفيذية لعودة ‏المفصولين ‏تعسفياً من قبل ا...