تحيّة الصباح… نتعلّم فنستزيد ..

وصية عالم النفس الروسي “بافلوف” للباحثين الروس جاءت بثلاثة الأمور , التي أولها التدرج , ثم محبة البحث العلمي , ثم التوسّع . ولا شك أن جذر هذا مكين علم وخبرة وسعة إدراك وسبر أغوار في مرامي التأمل والتحليل معطى سير في أروقة الفهم , ومراعاة الجانب النمائي لمقاربة ثنائية كامنة في قدرات المرء من جانب , والشرط التاريخي الزماني له , وسعة العلوم في الإحاطة بها إمكانات , ومداها علوماً زاخرة . هي رهان سباق مع الزمن , وتسارع علوم لاحقات إذ على المرء ألّا يتسرّع في حكم , فلربما الثابت دوام التحوّل وصيرورة كلّ تجديد , والمتحوّل كثير الرؤى , والتصورات , والقناعات ومع التطور التدريجي للمعارف والخبرات , واكتساب المهارات لدى المرء يتجدد الشرط التاريخي تبعاً لصقيل علوم ومعطيات , وسبق معرفي مورق الدلالات في اكتناز ميادين هي مدارات الحياة كلّها .. ويمكن التوقف رؤية في إنعام بصيرة للقول: إن الثقافة المرجعية لخير جليس وتقانات العلوم , هي جادة الصواب الأمثل من حميّة همة لذات المرء في فكرة يحدّث فيها , أو معلومة يعرفها , وفي بطون الكتب والدراسات تكون واقعا أدقَّ فيه القول , وإليه ملتقى السبل .. من غير أن يغضّ الإنسان طرفه عن حقيقة إدراك المرء للأمور والأشياء كما هي , في معطاه النمائي , وشرطه التاريخي , مسار العقل الزمني , ماعدا تجاوزنا لمكانة العمر العقلي سبقاً مابين عوامل فطرية , وأخرى مكتسبة , وحيوية ميول واتجاهات , وطمأنينة روافد مساندة للبنيتين الثقافية والتربوية , وتوكيد الحدود المنطقية في تعلّم فنً الفهم والتذوّق والاستيعاب , وجمالية الحوار الراقي المتعقّل مابين المرء وذاته , والمرء والآخرين والحياة التي آفاقها حاضرة وناجزة في علاقات عضوية , وأخرى جدلية . والحياة كينونة مركّبة فيها كلّ دانٍ وشاسع .. ولا يخلو علم أو فن , أو ميدان بحوث ودراسات من مدّ وجزر في توكيد معطيات , ومن ثم يكون فيها التعديل , والقيم المضافة , إذ هذا هو الإنسان عقلاً متوثّباً دائم البحث , قلق الإبداع , هذه الحياة التي عوالمها : جينوم بشري والذي شفراته الوراثية حروف , بريقها مخابر وعلماء وباحثون , وغير ذلك من تكنولوجيا وما إلى ذلك مما يحاور الكون عبر علوم “تكميم” القول فيها من معادلات في العلوم التطبيقية يصعب الإحاطة بها بيسر وحتى في حمولة المفردات تعبيراً على متون سطور إجرائية الصوغ ليس إلاّ. كم إذن يحتاج الإنسان التدرّج والبحث والاهتمام واغتنام الوقت بمعناه الإنتاجي ليصبح هذا الوقت حيّزاً من تاريخه , إذ نتاجاته فضاء رحب في مغانم الكينونة المتجذّرة في أديم اجتهاداته , وخزائن الماضي له وللحياة وضمائر السامقين مكانة في إنصاف قناعة , وحجة عقل , وصحو وجدان نبيل في التقدير ..! قد تكون الإجابة أو المعلومة محققة شفاء السؤال آنياً, لكن الأجمل كامن في موضوعية تحوّل الإجابة إلى خبرة , إطارها إدراك لماهية صيرورتها وعلنها سبباً فيكون الإدراك متسع فهم في غنى وعي , وقوة فعل في مهارة سلوك لكائن الأمر مابين ” تكتيك آني, وآخر استراتيجي لاحقاً” ضمن تعلّم مهارات الحياة.. جميل ذاك الجدل وكذلك التأويل سماع صدى لمدارس في علم النحو العربي , ولواقع المعنى وأثره في الكلمة , والكلمة في عوامل معنوية وأخرى لفظية , وهكذا في تبيان حقيقة صورة بلاغية مابين واقع وخيال , وإعمال تأمل وحذاقة سعة في جماليات علم البلاغة , وكذلك في المقولات الفلسفية وما إلى ذلك من علوم واكتشافات , مع التأكيد على تعاميم وقواعد وخلاصات ونتائج في كل علم, هي ثوابت متوافق عليها لغة واصطلاحات ومدلولات ومفهومات ومصطلحات , لها معاجمها , وقوانينها ضمن مخارج أو دقة مقام رياضي .. وكذلك الأمر في علم التربية , وغنى طرائق التدريس ونظريات علم النفس , وسردية فلسفة التربية في عمقها الترابطي مابين الفكر والتربية والعلوم والإنسان والحياة تكاملية تداخل مع العلوم ومستجدات الحياة , ومتغيرات صعدها , وحيثيات القيم بجمالياتها ثوابت أصالة أمام تحديات قيم مادية , وانعكاساتها على الأنماط السلوكية واقعاً معيشاً مع مطالع الألفية الثالثة. وثمة مقاربة لعنوان مقالة لباحث لغوي استعجل عليه سائلٌ ـ ضمن معرفته ـ عندما أراد تأنيث لفظة , شاع تذكيرها , فسرعان ما استفاض إجابة بكثير من حجج ومصادر ومراجع ليثبت صواب ما جاء في المقالة .. بالتأكيد العلوم في الأسفار كتباً , وصقل المعارف والخبرات تكوثر اجتهاد ومع ” التدرج والبحث العلمي , والتوسّع ” ترانا نتعلّم , فنستزيد ..

نزار بدّور ..

المزيد...
آخر الأخبار