نبض الشارع… فالج لا تعالج..

الطوابير تختزل مشكلة قائمة بحد ذاتها، والهدف الاستراتيجي  للتطبيق التكنولوجي الذي خرج بالبطاقة الذكية هو التخفيف من الطوابير والزحمة على أبواب المؤسسات الخدمية و محطات الوقود والصرافات والحد من كل المظاهر غير الحضارية التي لا تليق بإنسانية المواطن وكرامته..

المعضلة أن الأداء الاقتصادي لم يتحسن بالشكل المطلوب  و المخطط  له ولم يغادر المواطن طابوراً إلا ليدخل بآخر جماعات وفرادى والبطاقة المدعية الذكاء والفطنة لم توفق في السعي للأمام ولو بخطوة كونها غير مدعومة ببصيرة ورؤية  المواطن المنتوف ،والمستهلك بالشعارات والتنظير باسمه وبحاجياته دون أن يناله مما يذكر نصيب..

فرسائل السرور عبر البطاقة  الذكية باتت شحيحة  والعدوى تنتقل من مادة لأخرى ، رسائل الغاز المدعوم لا تزورنا إلا كل ثلاثة أشهر وتزيد، و رسائل المازوت كل سنة مرة إن كان لنا بها نصيب وسط معركة من تراص السيقان على الدور والانتظار بالتناوب مع أفراد العائلة ريثما يأتي الإفراج ، والآن رسائل  البنزين أصيبت بعدوى التأخير لأيام تتفاوت بين 12 يوماً إلى 16 يوماً وقس على ذلك وهنا بيت القصيد حيث ينشط بائعو السوق السوداء وسعر ليتر الحر وصل إلى 6000 ل.س وتوفير المادة مؤقتاً ضمن بعض محطات الوقود بالسعر المعقول  خفف من وطأة الأزمة لكنه خلق زحمة  أمام الكازيات لها أول وليس لها آخر وكل محاولة للخروج من الرتل دون مبالاة هي محاولة بائسة يائسة مدفوعة الثمن ولا بديل ولا خيار ومكره أخاك لا بطل..

وكله يهون أمام الوقوف لساعات على صرافات المصارف “العقاري والتجاري” فإدخال البطاقة بالصراف يشبه إدخال بيضة  في عنق زجاجة فالتجربة محاولة  قد تنجح وقد تفشل ، مرة تنقطع  الكهرباء، ومرة ينفد المال ومرة يتعطل الصراف ويصبح خارج الخدمة .. وإياك أنت المواطن أن تغادر أرجلك المكان كي لا تخسر دورك وإياك والعصبية والغضب من مواطنين يحملون عدة بطاقات لأن كل واحدة منها لا يتجاوز المبلغ فيها عشرة آلاف ليرة وهي بطاقات ورثة شهداء  ومتقاعدين وتفاصيل موجعة تأتيك عبر تواصل اجتماعي ربما جاء صامتاً لا تستطيع بخيالك ملؤه وسد فراغاته سوى الحاجة والقهر والفقر..

إرادة وتصميم جريح حرب مبتور القدمين يقف لساعات طويلة منتظراً الفرج، وامرأة مسنة  مريضة والدة شهيد تمسك بيديها مجموعة بطاقات ” ورثة شهيد” ومواطنون آخرون تحترف السكوت أمامهم  وهم يوزعون الابتسامة على من حولهم .. الأمل جميل في عيونهم أمام علامات استفهام تضعها أمام من يجمعون ويطرحون ويعصرون أدمغتهم ولا يجدون حلا ناجعاً للسيطرة على الزحمة ومعالجة الفالج الذي أصاب مؤسساتهم .  

حلم  شدود

المزيد...
آخر الأخبار