تحية الصباح : رسالة إلى سارق ..!!

كنت أتفقد الشجيرات الصغيرة ، سفح الوادي ، وأحاول إزالة الأعشاب حولها ، عندما سمعت حركة غير عادية تقترب مني ، هي حركة نعرفها نحن الفلاحين ، ونتوجس منها ، الصوت يتوقف، ثم يعلو مقترباً مني ، صوت أعشاب وفجأة سمعت فحيحا ً ، وكانت على بعد متر واحد منها ، تلمع تحت أشعة شمس الظهيرة ، تراجعت إلى الوراء ورفعت الفأس نحو الأعلى ، لكنها رفعت رأسها وراحت تنظر نحوي، وكأنها تعاتبني أو تريد إيصال رسالة ما لي ، ثم تسللت ودخلت الحائط الذي يفصل أرضنا عن أرض جيراننا .

 سوداء ، لامعة ، وكانت أمي تقول – رحمها الله – ” لاتقتلوا الثعبان الأسود، هو نافع لأنه يقضي على الفئران ، كأن أمي التي لم تدخل المدرسة ولا تعرف القراءة والكتابة ، تريد أن تشرح لي نظرية         ” التوازن البيئي” ، وأنا الذي تخرجت من الجامعة قبل سنين بعيدة..!!.

 على الطريق المؤدية إلى أرضنا ، في ذلك السفح، كنت أرى ثعابين مدهوسة من قبل السيارات العابرة بسرعة إلى المنتزهات أو القرى الجبلية القريبة وكنت أشعر بشيء من الأسى ، لأن هذه الصورة تستدعي إلى مخيلتي ناساً أبرياء هم ضحايا حوادث السير التي تحصد الآلاف ، عندنا ، كل عام .

 كان لابد ، بعد هذه المشاهد  أن أرتاح تحت شجرة بلوط  كبيرة ، كنت أصر على عدم اجتثاثها لأغرس زيتونة بدلاً منها … وكنت أرى فيها شاهداً لمن عمل في هذه الأرض وتمتع بظلالها وحفيف أغصانها، وأغاريد طيورها ونظرت إلى أعلى ، وكان المشهد مدهشاً : ثمة عصفورة تزقزق فوق عشها في أعلى الشجرة .. وكانت زقزقتها غير طبيعية فيها شيء من الاحتجاج .. !! ، ولعلي عرفت السبب فغادرت الشجرة ، فتوقفت زقزقة العصفورة….

فهل كنت ، عندها ، شخصاً غير مرغوب فيه ؟! ولماذا ؟! وأنا الذي  لم أصطد عصفوراً واحداً في حياتي ، لا بالفخ ، ولا حملت بندقية صيد ، ولا بحثت عن أعشاش الطيور … وعندما أجد عصفوراً قد دخل بيتنا فجأة ، ويحاول الخروج دون جدوى ، أفتح له الباب والنوافذ ليخرج من حيث جاء ..!!.

ويحضرني المثل / صافي النية .. ينام في البرية / ، بمعنى  أن الإنسان  الطيب ، ولو نام في البراري حيث الحيوانات المفترسة والأفاعي والعقارب،  فإنها لا تقترب منه ,و الله يحميه لأنه ” إنسان ” بمعنى الكلمة.

 قبل يومين ، كنت في الحقل نفسه، لم أجد شجرة البلوط ، ثمة إنسان اجتثها وأخذ أغصانها ، ليطعم بها مدفأته في الشتاء البارد وثمة إنسان قد يكون هو نفسه ، الذي سرق ” البلوطة ” ، قد اجتث شجرة السرو على طرف الحقل ..!!!

يجتاحني حزن وغضب .. لكن أحد الأصدقاء يقول لي (إن الله سيكتب لي أجراً لأن أبناء ذلك اللص، وربما يكونون أطفالاً  قد استمتعوا بالدفء وهم يتحلقون حول مدفأة الحطب التي وقودها شجرتا البلوط  والسرو ..!! )

عيسى إسماعيل

 

المزيد...
آخر الأخبار
هيئة الإشراف على التأمين: استئناف خدمات التأمين الصحي للقطاعين الاقتصادي والإداري مخفر مركز حماية الغابات يلقي القبض على محتطب مخالف في ضهر القصير ... بهدف رفع التلوث عن محيط نبع التنور .. محطة معالجة أبو حوري- الناعم في مرحلة الاستلام الأولي .. الرئيس الشرع يعقد اجتماعاً موسعاً مع وزير التربية والتعليم لمناقشة الاستراتيجيات الشاملة لتطوير المن... أسواق حمص القديمة تنفض عنها غبار الحرب وتتعافى.. الانتهاء من أعمال الترميم وتفعيل منظومة "النت الضوئ... مسؤول أممي: حان الوقت للاستثمار في سوريا لتأمين مستقبل أفضل لشعبها وزارة الخارجية والمغتربين تصدر بياناً بخصوص الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد تفقد مراحل تنفيذ مبنى المصرف العقاري في حسياء الصناعية .. الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون توقع عقداً مع الشركة القطرية ‏للأقمار‏ الصناعية سهيل سات لبث قناة ا... وزيرا التربية والتعليم والتنمية الإدارية يناقشان وضع آلية تنفيذية لعودة ‏المفصولين ‏تعسفياً من قبل ا...