نقطة على السطر ..”نيال المجنون”

بات موضع حسد من الجميع كونه يقول للأعور” أعور بنص عينه ” هو مجنون القرية ,يتخيل نفسه صاحب قرار يلهج بلسان حال الأهالي الذين لم يشتكوا في الماضي العطش فيبدون اليوم و قد خذلهم الرخاء بفقد عنفوانه  بعد تسلط  التجار بتجارة  رابحة بالغش والتدليس, فيدعو لهم بالفرج و انفراج الحال على الرغم أنه لا يعنيه تردي الأوضاع إذ يلتحف السماء و يفترش الأرض متدثراً بشجرة الزنزلخت الكبيرة في ساحة القرية  يغفو في حضن الطبيعة يشم روائحها الطيبة و جمالها ممتطيا متى أراد  عصاه السحرية و كأنها سيارة متنقلة فما همه إن  تمادى البنزين في ارتفاعه  فهو السابق وربما مادة المازوت من اللاحقات بارتفاعات متكررة ..

 معونته الغذائية تصله فتكفيه شهوراً غير رافض الهبات من أهل الخير ليعيش حياة رفاهية كاملة,فبات ذووه يشعرون بالرضا بعد أن سكنتهم الغصات زمناً إذ  كانت تخترق أسماعهم كلمات الرثاء  ” الله يعينكم ” ” مسكين مين بدو يعتني فيه من بعدكم “متطفلين على رضاهم بالمقسوم ديدب بعض الناس في تعداد النواقص و نبشها من مقابر الروح و كون الحياة حبلى بالآمال و المفاجآت يكتشفون لاحقا أنه كان متفوقاً بذهنه المتوقد فذلك الجنون الذي اعتقدوه  فيه ظاهريا بات يفوح من عقولهم  مخفياً مستتراً تحت مسمى “أمراض نفسية”حملتها إليهم الهموم والأحزان مرددين ” نيال المجنون ” ذلك الذي يعرف زائريه من وقع أقدامهم و يردد حديثهم و نجواهم قبل النطق بها و كأنه يقرأ رسائل القلوب في بيوت تقوقعت في ظل  الفقر و الحاجة و نفقات الحياة كافة ليبعث الأمل و يثير الخيال داعيا باليمن  و البركة   حتى أصبح مصدر مواساة الأهالي  التي تحولت قصص معاناتهم إلى أحاديث تقف و تتهادى على شبابيكهم  التي تدغدغها نسمات ربيع أوشك على الرحيل بعد شتاء قارس .

عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار