تحية الصباح .. من ثقب الباب ..

مررت بك , مدينتي الجميلة .. كنت ما تزالين نائمة .. وأنا الضيف الثقيل .. سمعت صوت أنفاسك المتعبة من صخب سنين .. عند عتبة بابك .. كانت مصفاتك تعمل !! يتصاعد دخان , وشعلة نور تقول : أنا هنا .. خبرتها منذ الصغر .. في شوارعك أيقظت خطواتي الحصى , ورصيف الحي المتعب .. حتى نوافذ الدار المغلقة ردت التحية بسلام .. فتحت ستائرها … والدفاتر المغلقة .. استرقت النظر إلي .. ثم عادت للنوم .. أيقظت خطواتي دقات القلوب الميتة .. سمعتها : مثل موسيقى ناي عتيق ..يحن .. يعن .. هناك .. من رأيت كان يبتسم بخجل .. يرد ابتسامتي .. بابتسامة .. هكذا خيل إلي .. فالأماكن فارغة .. وحده إسفلت الشوارع كان يئن من وقع خطواتي .. ومن مرور عجلات ما عرفت يوما اللطف .. رأيت الحياة تعبر مسرعة خائفة أمام مقبرة الحي .. وبجانب الحديقة المغلقة في ساعات الفجر الوليد .. وعند المدارس التي صرخت بي متعجبة : لم يحن بعد موعد النشيد الصباحي , ولا ترديد الشعار .. هناك .. تعجبت روزنامة الورق المكدس بعدد أيام السنة.. الملقية منذ سنين في سلة المهملات .. وساعة الجدار الصامتة الصامدة .. وموقد الحطب … وأحجار ” اللاقوط ” الخمسة , وحبل القفز .. حتى مخبز الحي المهجور , وبائع – ع السكين يا جبس – وطنبر الكاز , والمازوت .. كل شيء هناك كان ينظر إلي بعتب !! المصباح الزجاجي الصديق الحبيب الذي كان يضيء عتمة الليالي .. أيضا كان ينظر بعجب !! كل من مررت بهم .. لم تعجبهم جولتي الصباحية .. الكل يريد النوم أكثر …. وأنا أريد الحياة .. تلك التي هربت .. بحيلة ” الحياة ” .. والحب و الطبع غلاب .. الحب .. قد يكون مسيلمة الكذاب .. يجول في القلوب مثل ملاك .. قد يقف كحارس عند الأبواب .. في المساء .. حين تنتهي الحكاية .. يغفو الأطفال .. يطفأ ضوء الكاز .. يسكت النهار , يغفو .. وحين أسمع شخيره .. أنا المشاغب دوماً … أسترق النظر إليه من ثقب الباب .

سعاد سليمان ..

المزيد...
آخر الأخبار