تحية الصباح .. 29 أيار…. صفحة مشرقة

رجال قوى الأمن الداخلي الذين يسهرون لنرتاح ويتعبون من أجل أن نشعر بالاطمئنان .. عيدهم عيد الوطن .

التاسع والعشرون من أيار عيد قوى الأمن الداخلي .

التاسع والعشرون من أيار عام خمسة وأربعين وتسعمائة وألف تاريخ له مجد , وله صفحة مشرقة خطها رجال قوى الأمن الداخلي ” البرلمان السوري ” بدمائهم رفضوا تأدية التحية للعلم الفرنسي .. فحاصر المحتل الفرنسي مبنى البرلمان وقتل وجرح عدداً من أفرادها .. استباح حرمة البرلمان كما استباح أرضنا .. وبينما الصحف الفرنسية كانت ولا تزال تتشدق بالحرية والمساواة وتمجد الثورة الفرنسية …هي فرنسا , كانت ولا تزال , في مقدمة الأعداء أعداء الوطن  .. – مع التفريق- بين الشعب الفرنسي وحكوماته المتعاقبة ..!!

ثمانية وعشرون شهيداً استشهدوا  خلال ساعتين من الدفاع المتواصل بأسلحتهم الخفيفة أمام العدوان الفرنسي على البرلمان , كتبوا صفحة جديدة من تاريخ سورية العريق .. تاريخ العروبة والوطنية .

لم يبقَ على قيد الحياة يومها سوى دركيان هما : الشهيد الحي محمد مدور والشهيد الحي إبراهيم الشلاح ( رحمهما الله ..!!

نقل البرلمان السوري , بعد تدمير أجزاء كثيرة منه , بسبب العدوان الفرنسي إلى مدرج جامعة دمشق .. وتصاعدت الاحتجاجات وتصاعدت بالتالي العمليات ضد الاحتلال الفرنسي الذي أعلن هزيمته وانسحابه من سورية في السادس عشر من نيسان عام ستة وأربعين وتسعمائة وألف .. واعتبر اليوم التالي السابع عشر من نيسان عيداً للاستقلال ..!

كان فارس الخوري الوطني الكبير رئيساً للمجلس وله صولات وجولات ضد المستعمر الفرنسي . الرجل الذي كان مندوباً لسورية في مجلس الأمن وسورية عضو مؤسس في الأمم المتحدة , جلس فارس الخوري على مقعد المندوب الفرنسي الذي جاء ليجد الخوري يجلس في  مقعده وبعد خمس وعشرين دقيقة نهض الخوري ليقول لمندوب فرنسا ( خمسة وعشرون دقيقة وتكاد تموت غيظاً .. فكيف تحتلون بلدنا منذ خمسة وعشرين سنة ..!! )

الكتاب الذي أهدتني إياه الأديبة الكبيرة كوليت الخوري عن جدها ( أوراق فارس الخوري ) من أغلى الكتب على قلبي فقد زارت حمص عام 2015 وأهدت الكتاب لعدد من الحضور في المناقشة التي قدمت في كلية الآداب بجامعة البعث للحصول على درجة الماجستير في روايات كوليت الخوري .

هذا الكتاب وثيقة تقول الكثير عن نضال السوريين وعن تفاصيل جريمة البرلمان وكان الخوري يومها رئيساً له… ولعليّ أنهي هذه المادة بالحديث عن تمسك وحرص الرئيس الخوري رحمه الله باللغة العربية فقد طلب الحديث أحد النواب من الخوري في أثناء إحدى الجلسات فأعطاه الكلام فقال النائب :

( كان النواب المحترمين ) فصحح له الخوري ( المحترمون ) فتابع النائب ( المحترمون ..) ثم قال ( حضرات النواب المحترمون ) فصحح الخوري ( حضرات النواب المحترمين ) فاحتج النائب قائلاً : ( ليش متحطط عليّ دولة الرئيس لما قلت المحترمين صححتها وقلت المحترمون .. صرت أقول المحترمون غيرت رأيك وقلت المحترمين .. ماذا تريد أن أقول المحترمون أم المحترمين .. )

ضجت القاعة بالضحك وقال الخوري: ( لست أنا من أريد إنما سيبويه هو الذي يريد ..!! )

تحية لرجال أمننا الداخلي على امتداد سورية الحبيبة ..

عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار