لا تستطيع وأنت تقرأ مجموعة الشاعر محمود نقشو الجديدة الصادرة حديثاً عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان ( مجرد تلفت ) لا تستطيع أن تخفي دهشتك وتتساءل من أين يأتي شاعر مثل محمود نقشو بهذا الكلام المدهش .. في زمن لم يعد فيه ما يدهش ؟!!
كلام أنيق .. صور بديعة , تأخذنا الى فضاءات من الحب والخير والجمال ..
ثلاثون قصيدة , هي ثلاثون وردة .. ثلاثون بوحاً وفكرة .. ولكن لماذا « مجرد تلفت »؟!! اللبيب من الاشارة يفهم .. وكلمة معبرة واضحة تغني عن فيض كلام وفيضان سطور .
فلو تلفت متزعمو القبائل وعصابات الشر الجهلة وتبصروا بما يدور من حرب قذرة ضد وطنهم الجميل لعرفوا ماذا صنعت أيديهم .. بسببهم حرائق.. وتهدم منازل نقرأ :
فالخصب احتياج القاطنين على تخوم العيش
في تلك القفار
وعلام يختلف الشهود ولم يروا في الدرب خيلاً أو
منازل أو عرار ؟
وعلام يختلفون
ثمة تفاؤل وأمل وثمة مستقبل مشرق تبشر به قصائد نقشو .. تعود فيه حمص و « الشرفة » الحي العريق لتدق ناقوس الصباح ومعه اشراقة خير وحب .. نقرأ من ( ما قد يكون جميلاً ) :
القادم أحلى تخبرنا الأسوار بهذا
والقمر السهران هنالك في المرآةالزهر يقول:
مآذن حي ( الشرفة ) , ناقوس الأحد ,
الشجر , الطرقات
القادم أحلى تخبرنا الألواح وخيل الممكن ..
ولحمص أحلى القصائد , الحبيبة المتوجة أميرة المدن , مسقط رأس الشاعر نقشو , ومرابع صباه وكل عمره .. حنان لاحدود له وعشق بهي يصعب وصفه .. حمص الماضي والحاضر والمستقبل الأجمل .
نقرأ من ( حمص في ساعة متأخرة منها ) :
كانت حضوراً عابقاً , وتدللاً , وندى قوام
كانت عصافير تزقزق في صباحات الشرود
وغامضاً حلواً تلوى في المحاسن واستقام
وكأن خيطاً من طفولتنا تعلق بالذيول الحانيات هناك
المكان هو بكل القصيدة عند محمود نقشو , في هذه المجموعة هو نبع الوحي وعرين الأماكن .. وعنوان الارتباط بالحياة الميماس وشجرة , حمص وشوارعها , دروب جمال ونور صبح وشوق . من (في ساعة متأخرة من الحبر ) نقرأ :
شجر الصفصاف في الميماس
أعلى من جبين الشمس هذا اليوم
والعاشق مضنى
وظلال الأمس تدنو من مسار العاشق المفرد
في الدرب المثنى
كان مشوار الصباح الثر يغري بالقراءات
فتنأى في مراميه
وحر الشوق أدنى
هذا (مجرد تلفت ) لمجموعة الشاعر محمود نقشو , التي تؤكد أن لقصيدة التفعيلة فرسانها وحضورها .. فالشعر على يد نقشو وغيره عاد مع عودة الحياة الآمنة لوطن الجمال والحب والسلام بعدما اندحر خفافيش الظلام .. وأعداء الحياة .
محمود نقشو , الشاعر المهندس والمهندس الشاعر شكراً لك .. ابناً جميلاً لمدينة غارقة بالجمال .. بل لوطن عنوانه الجمال ..!!
عيسى اسماعيل