محاضرة بعد أخرى يرسم الناقد الشاعر الدكتور وليد العرفي معالم تجربته النقدية الخاصة ،حريصا على ارتياد تجارب أدبية بكر لم تطأها مخيلة ناقد قبله ،وحريصا على الكشف عن تجارب أدبية لم تأخذ حقها من النقد،أصحابها يعيشون بيننا ،ضمن هذا الفيض كله جاءت محاضرته في حديقة رابطة الخريجين الجامعيين حول تجربة الشاعر المغترب عادل ناصيف- الذي يزور سورية حالياً .
الجديد في المحاضرة هو قراءة الشاعر عادل ناصيف للقصيدة ثم يقرأ الدكتور وليد العرفي التعليق النقدي بإدارة الدكتور جودت إبراهيم.
في البداية رأى الدكتور وليد العرفي أن عادل ناصيف شاعر مطبوع،الشعر يأتي إليه والقصيدة هي التي تكتبه وليس العكس ،وأضاف أن شعر الشاعر ناصيف من السهل البسيط، و الصورة عفوية إن وجدت وتحقق قدرا كبيراً من الارتقاء بالفكرة، فالشاعر يعمل ذهنه في الفكرة أكثر من الصورة لأنه شاعر مطبوع تأصلت موهبته في التعبير العفوي الذي يفتن المتلقي دون أن يدرك سر الافتتان ،مبينا أن جل نتاج الشاعر ناصيف في حقل الشعر الوطني ،فديوان عبق الياسمين الصادر مؤخراً للشاعر ناصيف كله من بدايته حتى النهاية ليس فيه قصيدة غزلية واحدة وإن وجد فهي قصيدة للغزل بالمحبوبة الوطن.
وأنصف الناقد العرفي تجربة الشاعر ناصيف حين أفرد بابا للحديث عن خفوت الشعرية في القصائد الخطابية وهذا من طبيعة الشعر الحماسي المنبري ،موضحا اتقاد جذوة الشعر في كثرة استعماله للتشبيه البليغ مثل قصيدة وصية شهيدة ،عدا عن التناص مع نصوص عالية استقرت في الذاكرة الشعبية مثل قصيدة المتنبي /أنام ملء عيوني عن شواردها / وأوضح أن الشاعر يعتني بالعتبات النصية الأولى فالعناوين مفتوحة على حمولات دلالية كثيفة مثل :(وعاد الضالون) ،(ناجي يتكلم)..،ويستخدم ضمير المتكلم أنا في سياق التفرد والخصوصية وليس من باب التعالي, وختم الدكتور العرفي حديثه بأن الحساسية اللغوية لدى الشاعر ناصيف شكلت ظاهرة الإلتفات في شعره فالأسلوب الخبري يودي إلى الاستفهام،وخرج أسلوب الاستفهام إلى التوضيح والإبانة. أثارت المحاضرة نقاشا جميلا بين الناقد والشاعر والحضور…و الجدير بالذكر أن الناقد الدكتور وليد العرفي يسلط كواشف النقد على تجارب حية معللا ذلك بأن تجارب شعراء معروفين مثل محمود درويش ونزار قباني أتخمت نقدا وعلينا أن نعطي للأسماء الأخرى حصتها من أوكسجين النقد …
يذكر أن الشاعر عادل ناصيف من مواليد١٩٤٢ قرية الكيمة في وداي النضارة عمل أربعين عاماً في وزارة التربية فكان موجها أول للغة العربية ومدير مجلة المعلم العربي ،عندما أحيل إلى التقاعد التحق بأولاده في المغترب مواظبا على زيارة مسقط قلبه الكيمة كل صيف ،صدر له حديثاً ديوان شعر جديد بعنوان (عبق الياسمين(.
متابعة:ميمونة العلي