إن مفهوم الوطن بسيط وغير معقد وكلنا يعرفه .. الوطن مساحة من الأرض أو المنطقة والمكان الذي يرتبط به الشعب ارتباطاً تاريخياً طويلاً .. وهو الذي يشهد ولادة الهوية الوطنية للشعب .. الوطن بيتنا وعشنا الهانئ الآمن الدافئ الذين يحتضننا جميعاً ويغمرنا بحبه , ذاك الذي نشأنا فوق ترابه ونعمنا بخيراته .. وتعلمنا في مدارسه وجامعاته هو عيشنا ومحبتنا وسياج أمننا ومهوى أفئدتنا ،طفولتنا وذكرياتنا .. جذورنا وتاريخنا .. بيدر أحلامنا وآمالنا .
تعود أصول الوطن والوطنية .. والمواطن والمواطنة .. والانتماء للوطن الى جذور وأصول واحدة نمت وترعرعت في تربة واحدة أيضاً هي تربة الوطن .. وتجذرت في أعماقها .
أما مفهوم الوطنية فله تفسيرات وتعاريف وفقاً للمدارس الفكرية التي ينتمون إليها وباختصار لكل التعاريف هي انتماء الفرد لوطنه .. وحبه وعشقه له .. والقيام بالمهام التي يتطلبها الوطن ويكون بحاجة إليها .. واعمار وبناء وطننا والدفاع عنه والتضحية من أجله كلها تصب في نبع الوطنية الحقة .. ولم ينس شعراؤنا الوطن .. فغنوه قصائد عذاب منتمين إليه ..
لا يتخلون عنه أبداً فشاعرنا ابن الرومي يقول فيه :
ولي وطن آليت ألا أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
وهل ننسى شاعر الأرض المحتلة الراحل محمود درويش .. وعشقه وانتمائه لوطنه الغالي فلسطين وهو القائل :
آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
وأنا لست مسافر
إنني العاشق والأرض الحبيبة
الوطنية هي قمة الانتماء للوطن وعودة للماضي وتطلع للحاضر الذي نعيشه ، اليوم نرى أن الشعب العربي السوري قدم مئات الآلاف من الشهداء في جميع محطات المقاومة الوطنية والنضال من أجل السيادة والتحرر والاستقلال وبناء مجد سورية ورقيها والدليل كبير وعظيم فيما قدمه من شهداء في الحرب الكونية القذرة التي استهدفت وجوده وسيادته , وشعوب كثيرة قدمت الملايين من الشهداء في الحرب العالمية الثانية من أجل أوطانهم .. وتحررها للعيش في وطن آمن .
والمواطنة هي اللفظة والصفة التي تحدد حقوق المواطن وواجباته تجاه وطنه تتجسد بالولاء المطلق له وخدمته والمشاركة في بنائه والحفاظ عليه في أوقات السلم والحرب .. هي وحدة الانتماء لجميع مكونات الوطن على اختلاف تنوعهم العرقي والديني والثقافي , الأمر الذي يقتضي أن تذوب فيه كل الخلافات والاختلافات عند حدود المشاركة والتعاون في تنمية الوطن والحفاظ على العيش الهانىء فيه وما أجدرنا هنا في وطننا أن نجسد المواطنة سلوكاً هادفاً راقياً في حربه ضد الإرهاب الظلامي الذي يستهدفه وأن نكون العين الساهرة له والساعد القوي للدفاع عنه وبنائه .. فلا وطن بلا مواطنة .. معاً لبناء وطن أجمل ترفرف فوقه رايات المحبة خفاقة وتحية لشهداء الوطن عسكريين ومدنيين وهم الوطنيون حقاً الذين رووا بدمائهم الزكية تربته العطرة وصنعوا لأطفالنا وأجيالنا حقول فرح وبيادر خير وأمناً وسلاماً بانتصاراتهم العظيمة الكبيرة .. وهم الرائعون … الخالدون .
برهان الشليل