ضمن خطة تطوير المناهج التربوية جاءت مادة ” التعليم الوجداني ” مادة حديثة الولادة وريثما تكتسب شيئاً من النضج فإن شجوناً كثيرة ستواجه المدرس والطالب معاً ، وهذا شيء طبيعي لكن الشيء الذي هو ليس طبيعياً ليس باستحداث مادة جديدة وإنما هو عدم التأثيث لها فمع الأيام الأولى من بداية المدرسة بدأنا نسمع تذمراً وشجوناً حول المادة التي رمت بثقلها في المنهاج دون تحضير أو إعداد مسبق للمدرس الذي سيقوم بإعطائها خاصة أنه تم ربط تدريس حصصها بالفائض والشاغر ، ولا يستثنى أي اختصاص من إعطائها،
فالطالب وجدها حملاً ثقيلاً وخاصة في المرحلة الثانوية حيث تحتاج مواده إلى ميزانية خاصة من أجل استيعابها والمدرس رأى أن تكملة نصابه بمادة ( التعليم الوجداني ) هم وجهد وتعب لم يكن على البال أو الخاطر في حين يوجد بعض من زملائه يمارس أعمالاً إدارية وغير معنٍ بإعطاء أية مادة يعني ( خيار وفقوس )….. وبغض النظر عما إذا تكيف المدرس أو الطالب مع المادة الجديدة أو لم ترق لهما فإن المنطق يقول إنها يجب ألا تمر مرور الكرام مثل أية حصة فراغ أو كما تمرر حصص الموسيقا والرسم والرياضة في مدارسنا بقلة مسؤولية وعدم اكتراث وفق ثقافة كرسها القائمون على مناهجنا التربوية فإذا كان المدرس لا يملك زمام تدريس المادة وغير مؤهل مسبقاً لخوض غمارها باقتدار أو مد جسور تواصل مع الطلاب بالإيغال في الشرح والتحفيز على المناقشة والحوار وخلق أرضية خصبة لاستثمار كل فكرة يمكن أن تخلق منافحات حوارية تكسر روتين وجفاف المواد الدرسية الأخرى وتحسن القدرات والإمكانات الفكرية لدى الطلاب فإن مادة ( التعليم الوجداني ) ستضاف إلى المواد السابقة التي ذكرناها بإهدار الوقت بالسفاسف والتسلية ،..
أحد المعلمين قال لطلابه ( في حصة التعليم الوجداني ) : والله لا أعرف ماذا سأعطيكم في هذه المادة لذلك احكوا ما يحلو لكم حكيه ، وأخرج موبايله وترك طلابه يتبادلون الوجدانيات ؟! …. وهكذا يبدأ الطالب يشعر بسطحية المادة وعدم أهميتها ولا مستقبل لتعلمها وفق واقع تدريسي يكرس له مثل هذه الأفكار شيئاً فشيئاً …
فالمادة المستحدثة جاءت ضمن عملية تربوية واعية وضمن خطة تطوير المناهج التربوية ولكن أن تتحول إلى فرصة للراحة والتسلية فهذا يتناقض مع الهدف الذي وجدت من أجله، ويحولها إلى مادة مهمشة مع أن ” التعليم الوجداني ” له أبعاد اجتماعية ونفسية كبيرة يسهم في التماسك الاجتماعي وحل الكثير من الاضطرابات السلوكية ، في هذا الزمن المثقل بالآلام والأوجاع ، وافتقاد الوجدان هو رأس السوء في الأوضاع الكارثية التي وصلنا إليها…
الوجدان جوهرة وحصن حصين ومعيار للوقاية من الأزمات وعلّ النقلة التربوية هذه في إدخال مادة التعليم الوجداني إلى المناهج التربوية تسهم في تنمية جيل وجداني معافى ومحصن ويكون للمادة نصيب من اسمها في مدارسنا التي بدأ وجدان بعض المربين فيها يزحف خارج أسوارها ويسعّر وفق شريعة تتنافى مع كل المعايير التربوية والوجدانية التي ننشدها وننشرها وننطقها قولاً لا فعلاً ….
حلم شدود