ليس أصعب من تعريف الأمور الواضحة لأنك قد تزيدها غموضاً بمحاولتك الإحاطة بها بكلمات قليلة ومن ذلك الحديث عن البساطة فهي راحة في النظر … سكينة في النفس شكل من أشكال الذوق الرفيع مضمونها الصدق والوضوح .. فالبساطة أن تصدر عن طبعك فتكون مريحاً في تعاملك ومتزناً أمام نفسك .. البساطة تنبع من الثقة بالنفس فلازركشات ولا إضافات او تغيير في التقاليد والعادات .. لكن مجتمعنا اليوم قد أصيب بداء ( اللابساطة ) فترانا نعيش مع معارفنا وأقربائنا بمباراة الاقتناء مسخرين لهذا الاقتناء فنزداد هموماً بمقتنياتنا وتزداد منازلنا ضيقا بها ..
في حين أن البسطاء ينفضون عن أجسامهم ونفوسهم وضمائرهم الكثير من الواجبات والأعباء والأثقال التي ننوء بها ونزعم أننا بفضلها سعداء والبساطة في الفن ابداع بحد ذاته وخصوصاً في الكتابة حيث سميت السهل الممتنع لأن الكاتب يطرح الأفكار العظيمة ويرسم الصدر والمعاني في أسلوب سهل وكلمات قليلة واضحة …. حتى أن الحوارات على شاشات التلفزة تجذبنا بساطتها ومحاكاتها ليومياتنا أكثر مما تجذبنا أسماء الضيوف اللامعة الفيلسوف الاغريقي ديوجين كانت مقتنياته بسيطة وقليلة ويعيش في برميل ينام فيه وذات يوم زاره الاسكندر المقدوني ليتعرف عليه وعندما وقف أمامه سأله عما يستطيع أن يقدمه له فأجابه الفيلسوف ديوجين أن كل ما يطلبه منه هو أن يتنحى عنه حتى لا يمنع أشعة الشمس عن جسمه .. وكان ديوجين سعيداً بمقتنياته البسيطة بينما الاسكندر المقدوني شقياً بأعباء وهموم وطموحات .
يوسف قاسم