يحقق الفهم نسقاً أولياً , في الإدراك أن باكورة حضور الإنسان في رحابة الوجود إرادة حضور وكينونة بأولها الفطري ليكون معبراً عن وجوده ضمن حيز الحياة , دلالة حضور بالقوة ضمن فساحة الخَلق , ليكون لاحقاً فاعلاً ومنفعلاً بإرادة الفعل , جامعاً ما بين ثنائية الترابط بين القوة والفعل في آن وذلك ضمن مدارات التفاعل الاجتماعي , ومن ثم الدخول قي تفاصيل الواقع وفق صيرورة النمو وعزيمة الارتقاء في مدارج الأعمار وتعاقب مسالك العمل عبر تضاريس حراك الحياة على اتساع جنباتها , واختلاف صعدها .
ولا شك أن التنشئة الأسرية ومن ثم تتابع هذه التنشئة ضمن وعي كلي لشعور جمعي وفق تراتبية هيكلية متضامنة متداخلة ومتفاعلة ما بين علاقات اجتماعية ومثاقفة مؤسساتية ومدارس خلفية من صحافة وسينما و إذاعة وتلفاز ومنابر تشكل جداول إضافية لمرتكزات مؤسسات معتمدة من الأسرة إلى المدرسة إلى غير هذه وتلك من مؤسسات . كلها تنشد معمارية السلوك الناهض بمفهومات القيم الإنسانية والروحية والاجتماعية والوطنية والقومية والترويحية والجمالية والمعرفية وغيرها بغية الإعداد الأمثل لمعنى التنشئة جيلاً فجيلاً نحو الأفضل والأمثل خدمة لما هو أرقى يجسد وعي المواطنة الحقة في تجذرها , انتماء وطنياً وقومياً و إنسانياً يسمو بالفرد نحو الخير بهاء والتجدد عطاء في ثنائية البناء والإعمار والتحرير والسؤدد والعلياء .
إن الانتخابات الحاضرة في يومها , هذا إنما هي سردية وعي ديمقراطي لقيم متأصلة في معنى الديمقراطية تعزز لدى صاحبها مكانة المرء في إعطاء قيمة مضافة يحققها سلوكاً لافتاً متميزاً عبر استجابات تعي قيمة المسؤولية له فرداً وللمجتمع مؤسسة وللوطن إرادة بناءة توكيد معنى الإعمار ورقي التحضر ضمن آفاق من مفهوم النظم الدستورية , في تمثلها لمعنى الديمقراطية وتعاضد أبناء المجتمع , أسرة واحدة في الإسهام الخلاق لبذل الغالي والنفيس لأجل خير المجتمع والوطن في الركب الحضاري والتفاعل البناء . لذلك تصبح المشاركة وعياً واستجابة لمكانة تمثل القيم الديمقراطية والحرص على كل محطة واستحقاق يؤكد الخير والعافية عبر أداء كل فرد واجبه الذي أكده الدستور ضمن الواجبات والمسؤوليات والحقوق وفي مناخ من الحرية التي تتأخى مع العدالة والمساواة .
إن الإقبال على ممارسة هذا الحق هو تمثل لنباهة المسؤولية الوطنية في قيمة هذا الحق فكرة ومؤسسة و أنماط سلوكية أيضاً فهذا يعزز فهم مشاعر التلاقي الاجتماعي والمؤسساتي ضمن حمية الوجدان الذي ينشد الوطن وفق كل الأعمال التي تتسع لها ساحات الوطن علماً وفكراً وكفاحاً ونضالاً ومهارات ومؤسسات وحرفاً ومواسم تنفح بعبير العافية عطاء تترافد مع بعضها في كل المواقع حيث الخير للفرد والمجتمع والوطن .
بهذا الوعي في الإقبال وتوكيد المسؤولية أمانة لدى من يكون لهم شرف التمثيل إنما هو أصالة مسؤولية لقيمة الفعل الديمقراطي في شمولية وعيه قيمة وناخباً ومنتخباً وفي رسالة هذا الاستحقاق التي هي أمانة الوطن نهوضاً حيث علاه انتصارات و إعماراً وعمقاً حضارياً أيضاً .
إن الديمقراطية في محطاتها وفي مسيرة نشأتها فكراً وممارسة هي صفاء الحرية في إشراقة الضمير الواعي ونبوغ الإنسان المتحضر في إدراك دوره من جانب في كل أمر يسلكه أو اصطفاء موقف يتبناه وإدراك مسؤوليته عندما ينشد صوته رصيداً عميق الدلالة معنوياً في عراقة الانتماء وشهامة الأصالة التي هي هوية وانتماء . وهذا يدعونا جميعاً لنكون إرادة كل فعل تشرق به الحياة فتلامس أنواره محيا جنبات واقعنا خيراً الذي هو مسؤوليتنا جميعاً , كل في موقعه .
وإذا كان ضمن الهيكلية المؤسساتية المكان موجودا بقوة ذلك, فإنه يورق أداء نوعياً بنعماء الفعل وهذا ما ينشده الواقع والمجتمع والوطن.
نزار بدّور