مع تدهور الأوضاع المعيشية والتي تحتاج لجهد شاق ومضن لحلحلة بعض عقدها وتشابكاتها التي جاءت بالتراكم والتقادم وتجاوز أية صدمة فيها كان يأتي بصدمة أخرى، فإن كل أشكال التقهقر تلك كانت بعض الجهات المعنية والتي تحمل الطابع الاقتصادي تزيدها عصّة وغصّة من حيث ندري ولا ندري بقراراتها غير المدروسة وافتقادها للرؤية المنطقية المبنية على أسس قوامها الواقع المعيشي القاسي والظروف الاقتصادية والأهم هو الجسور الهشة بين تلك الجهات والمواطن حيث لاحياة لمن تنادي وماعليك أنت المواطن سوى السمع والطاعة …. ونقرأ شيئاً من هذا الانفصام بنشرة أسعار السورية للتجارة منذ أيام والذي طال ما يتجاوز خمس عشرة مادة غذائية ، منها العدس والبرغل والرز والسكر، والشاي ومواد أساسية ثم تثبيت (رفع ) سعرها بتدخلها ” الايجابي” وليتها لم تتدخل… وقبلها أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قراراً بتصدير الزيت، هذا القرار أطاح ببركة الزيت التي يتحدثون عنها ، وألهب سعر المادة اشتعالا ً والتي هي بالأصل تفوق قدرة المواطن على شرائها بالبيدون فالمواطن يشتريها بالليتر ويخلطها بمادة عباد الشمس ويكاد أن يخلطها ماء ، يعني استهلاكه منها بالقطارة وهذا ليس اقتصاداً وتوفيراً وإنما قلة حيلة … الجهات الاقتصادية المعنية (بنظرتها الثاقبة) ترى وجود فائض من المادة وهذا طبيعي نتيجة الغلاء الفاحش العرض سيفوق الطلب وليس العكس، وحل المعضلة توفير المادة بسعر مقبول بتدخل ايجابي منطقي ودراسة حاجة السوق وتسويق المنتج بشكل عقلاني ، يعني اعتماد إستراتيجية اكتفاء وليس استياء وتعجيز تضع فيها العصي في العجلات أمام لقمة لم يعد يعلم المواطن سبيلا ً لاستحواذ ما يسد الرمق منها ..
جدير بوزارة التجارة وحماية المستهلك أن تحمي هذا “الأخير” الذي ضمته إلى اسمها دون أن يكون له نصيب من رعايتها بل أن جزءاً كبيراً من مواجعه المعيشية هي من أدارته بمداد حبرها الزخم والوفير ..
فتح باب التصدير لأية مادة …زيتون – لحوم- فواكه …يعني فيما يعني أن المواطن يعيش بهناء ونعيم واكتفاء من المادة التي سيتم تصديرها ، كون الموسم مشجعا ً ويبعث على التفاؤل، لكن ضيق الحال والرواتب الضعيفة التي يتقاضاها ذوو الدخل المحدود تجعلهم ينظرون إلى تلك الخطوة بعدم رضا، لأنهم أولى بخيرات لاينالهم منها سوى الفتات … والبديل أو مايسمى بـ “الدعم” تبدو عليه بوادر الاحتضار والموت البطيء يعني سحب البساط من تحت المواطن رويداً رويدا ً ..
حلم شدود