واحد وأربعون عاماً مضى على صدور كتاب يحمل هذا العنوان , وهو للأديب السوري الراحل – جلال فاروق الشريف واليوم أردد : إن الأدب كان مسؤولاً ومازال مسؤولاً وسيبقى مسؤولاً طالما هو أدب وأنا أعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا أدب بدون سياسة وقد ألح هذا العنوان على مركز ذاكرتي وتفكيري وأنا أتابع الحركة الأدبية السورية على مساحة وطننا الذي يتعرض منذ ثماني سنوات لأشرس هجمة صهيونية بحتة وإن ارتدت ثياباً أمريكية وثياباً أوروبية وجلابيب عربية ومحلية أحياناً أخرى .
وأنا أرى أننا أمام ثلاث فئات من المشتغلين بالأدب والفكر أو ممن لحقتهم حرفة الحرف بالمعنى الأوسع .
فالفئة الأولى وقفت الى جانب الإرهاب بأبعاده الفكرية والسياسية والعسكرية ووقفت عدوة لوطنها , لدولتها وأقامت في جغرافيا سورية يسيطر عليها الإرهاب الى حين أو انتقلت الى دول تدعم المنظمات الارهابية التكفيرية وتدفع لهم ثمن تقزيمهم – وهم في أعماقهم أقزام – فإذاً نحن أمام نماذج عجيبة , فكاتب صحفي باض مرة بيضة ديك مسلسلاً تلفازياً تحول الى خبير متفجرات تستضيفه إحدى القنوات الناطقة بالعربية الشريكة بسفك الدم السوري كلما أقدم الإرهابيون على تفجير لقتل شعبنا وإذا به يحمل الدولة السورية مسؤولية التفجيرات ؟!
وكاتب قصة ساخرة تحول الى بوق على المحطات الفضائية يروج للاحتلال التركي لشمال سورية وكاتب قصص للأطفال لا قامة له في هذا الميدان أصبح منظراً للارهاب وقائداً من قادته يتسكع على أرصفة استنبول وباريس والرياض .
والفئة الثانية اقتدت بموقف بعض رجال السياسة اللبنانيين المعنون : النأي بالنفس وهو موقف يعد من مفرزات رجال سياسة عجائبيين غرائبيين يسمون المتفجرات حليب أطفال , وقذائف الهاون حفاضات لكبار السن وحقائب البترودولار التي حملوها الى الإرهابيين أقفاص حمامات السلام البيضاء وهؤلاء الناؤون بالنفس منهم من يلاحق الألفاظ المزوزقة والفراشات الملونة بينما روما تحترق ولا نجد فيما يكتبه أثراً لجرح شهيد أو صرخة طفلة أو استغاثة أم وكأنه يعيش في كوكب آخر غير كوكبنا أو أن جلده جلد دب قطبي مصفح ضد الحرارة .
ومنهم من التزم الصمت التزاماً كاملاً وكأنه – في انتظار غودوت – الذي لن يأتي وأعتقد أن أدباء وكتاب هذه الفئة سيسألون يوماً : أين كنتم ؟ وماذا فعلتم ؟ وكيف لم ترتعش أقلامكم أمام قطع الأعناق ؟!
أما الفئة الثالثة فإن أعمال كتابها تشهد لها , وشهداؤها منارات على طريق مكافحة الإرهاب الصهيوني الذي يرتدي ثياباً مختلفة . ولنا في الأديب المؤرخ خالد الأسعد والشاعر محمد بشير العاني والروائي رشيد الرويلي منارات ساطعة .
د. غسان لافي طعمة