كم هو شعور مقيت وأنت تنظر في وجه طفل بريء يبكي بحرقة، لأن المبلغ الذي أعطته إياه أمه صباحاً قبل الذهاب إلى مدرسته زهيد جداً لا يمكنّه من شراء بسكويتته المفضلة أو أية قطعة حلوى متراكمة في “ندوة المدرسة” بينما أطفال آخرون أيسر حالاً يشترون ما يحلو لهم و يلتهمون ما اشتروه بشهية منقطعة النظير ..
بكاؤه يقطع نياط القلب وهو يحاول بعينيه اقتناص بعضها ليقتطع له بعض أقرانه قطعة صغيرة يأخذها بخجل ….فتشعر أن العالم لا يساوي دمعة طفل مقهور يتيم ولا غصة من غصاته المتلاحقة ، لتحاول أمه تهدئة مشاعره وتعده بأكلات لذيذة تصنعها بيديها مع اقتراب آخر الشهر وتبذل قصارى جهدها بعد أن ذاقت طعم الأرق وهي تنصت إلى أصوات حاجاتها تتصارع في داخلها بقتال مرير ، أصوات تصدرها نفسها المتعبة بعد أن مات زوجها وأخذ راتبها يغرد خارج السرب تتأجج في داخلها نار الحرمان ,ما جعل وجهها يتلون في محاولة لمواساة ولدها بعملية تجميل للحياة في عالم بات يقذف منصة الأحلام بنار الغلاء ليسري في قلب الطفل أمل كاذب… منتظراً…. تُحول الوعود إلى واقع بعد تطمينات أدخلت السكينة والهدوء إلى قلبه الصغير والتي كانت بمثابة حبوب مسكنة ليدرك بوعيه الفطري وبتكرار الوعود أنها مجرد حقنة مهدئة لم تنفذ في زحمة الركض والسعي المحموم تشغل الأهل اليوم بكيفية تأمين رغيف الخبز أولاً باذلين ما بوسعهم للحصول على طعام يومهم بعد شعور مرير بقنوط وحسرة أثارت القلق وضخمت الهموم ، قلة حيلة في إنجاز طلبات متكررة وضرورات ملحة ، منتظرين الفرج وما عليهم إلا الوقوف على سكة الدرب الطويل الممل..
عفاف حلاس