شتان بين حروف تذروها الرياح , وبين نقش في حائط , أو رقش في قرطاس , أو وشي في ثوب , أو وشم في يد , ونحت على سوق شجر لحور عتيق يعيش حنين الدهر , وقد دثره شغاف وجد على مطلول الزمان ليبقى وعد إبداع في مكين ابتكار لحيثيات جمال يفتح ذراعيه حفاوة كل اغتباط سعادة رؤى في مكامن الروح , و أصالة الحذاقة في رزانة عقل , وفيض وجدان هي الحروف والكلمات صهيل المدى في ملعب الزمان , ومرامي الحياة تعتلج نفحات تخترم أنفاس كل وجد صوب جنبات كل إحساس يروح به التأمل شعاعاً مداه الآفاق ما بين عوالم تحط رحلها في الخفايا والحنايا وغيرها على مصاطب أروقة كل مكان لفِكَرٍ و أفكار يسمو بها مبدعها تألق تلمذة لمعارفَ ومشاعرَ , ودنيا من عواطف تصوغها سردية الحياة , وينسرب في أعطافها تيار الوعي فتصطفق لدنياه ما بين دمعة وابتسامة نسمات ترنق بها حروف , وتحلق بغيرها كلمات , وتمضي ملء الذوق الرفيع عبارات .
هي أناشيد شدو صباح مساء لحكايات معنى الفن قيمة للتربية والجمال و إذكاء للعاطفة المشبوبة بشغف البهاء , وكبرياء الدلالة في رقي المحتوى , وثراء المضامين , وغنى التعبير عن مفردات الطبيعة والإنسان والقيم , وفضاءات النبوغ حيث الفن الضارب الجذور في مهاد العاطفة وارتعاشات النُّسغ تشرّب نباهة لمعنى الفن في وظيفته خدمة للإنسان والمجتمع والوطن والحياة وقيم الجمال في تفاصيل كل صعيد و لألاء كل ترصيع مذهب على إسوارة في معنى الشهامة أين لشذرات الذهب مكاناً وقد شُغلت بنجيع قلوب لأرض مطهرة فساحة تراب تعشق أبد الدهر شموخ كل شهامة .
هو الفن رسالة حياة و إبداع وفي دنيا “الفيروزيات ” والصوت الشجي لفيروز , والمخملي على أطباق الحروف لعباقرة في جُذا كلمات صدى لأحاسيس ومواقف وتجارب ما بين ذاتية وموضوعية تحاكي الحب والمحبة والطبيعة والوطن و الإنسان , وقيم الحياة ومدارج الأعمار لتأتي كلها مرتسمات للوحات تستنزل في عبقرياتها ثوابت الصوت الملائكي لفيروز القامة على مدى عقود وعقود ولكتاب وشعراء , مهرة في العزف على أوتار الحروف وقد تسامقت في خواطرهم ما تشهق به ولادات من ألمعيات إبداع , وموسيقا لرحابنة على هدي ترانيم إيقاعاتهم حملت الأيام بوح مدرسة نابهة نابغة لتحضن الأيام وعلى مسامع الأجيال ثمة فيروزيات ترهف الأحاسيس .
وفي شمولية ثلاثة المبدعين فيروزاً ورحابنة وشعراء ثمة فراديس لأغنيات و أغنيات وقصائد طوال توشوش في أذن الجوزاء كل عبقرية وفي الشآميات ” شام يا ذا السيفُ …” , ” ويحه ذات تلاقينا …” , ” يا جبل الشيخ ” في العلا كل شموخ لطهر رايات خافقات في دلالة كل عز وانتصار وفي وقدة الساميات إبداعاً يتآخى وغيره ” يا طفلة الروح حبات القلوب ” وسرديات ألف ليلة وليلة .
وعلى مطارف التحايا والسلام يكون الود والحب وطريقة الشوق وطمأنينة كيف يكون السؤال , وتكون التحايا وللبساطة في عفوية صدقها يكون النداء للجبل البعيد وقد عزّ اللقاء وفي براعم الطفولة ” أقول لطفلتي إذا الليل برد ” وعلى عتبات الأبواب ارتعاشات أكفّ تتلمس أوجاع الوداع , وعلى مساحب همهمات شرود تتأنى الذاكرة هدوة ذكرى ما بين ورق ٍأصفرَ وسفر أيلول على دروب الفصول لتبقى مصداقية الاسم توجيه تربية أنها حاضرة في تراحم السلوك , ومصداقية حسن كل أداء , ونبوغ كل عمل يسمو بصاحبه سمو إنسان إلى إنسان .
ما أكثر الذين نالوا درجات علمية في صوت فيروز !, وما أكثرنا سفراً مع جماليات شآمياتها وما أبدعت به إعجاباً في فن , وانتباهاً لدلالات معانٍ في مضامين! و جميل ما ورد في كتاب فن الحياة فن الكتابة د . أسعد علي : ” .. كان صوت فيروز , عندما تغني , يحملني إلى أعراس الحياة .. فأركض مع الموال إلى آخر الدنيا , وأقفز كالعصافير من غصن لآخر و أنتقل كالسنون إلى زاوية في العالم الذي أسميه ” بيت الإنسان “.
نزار بدّور