ما إن تضج في خاطرك همسة وجد سرعان ما تتسع دوائر من إيحاءات تترافد إليها فِكر لكأنها السواقي المنسابة هدوة سقسقة مياه في متسع سهل أو غنج دلال في تمايل أمام منحدر أو هرولة جري من أعالي سفح لتروح الضفاف قيثارة تغني أحلى الشدو لأغلى ما يرتسم في البال من موفور الدلالات محاكاة لقضايا و أمور يطفح بها العقل ويقوى لأجلها التفكير في التدبير أو حمية دفق في حمى وجدان وقد تراءى الطيف ما بين هالة شمس في رأد الضحى أو استدارة قمر في جلباب ليل صاغ منه السواد فحمة دياجي فازداد البهاء بها على قدر سعة سكون الليل صمتاً ورهافة الذوق رشاقة في مقاربة ذوائب أحاسيس يعزفها القلب على شغاف نسمات ليل ومدى من ارتعاشات في أنفاس أحاسيس ودنيا مشاعر من إدراك شمولي التعبير, ما بين أنت والحياة … أنت وتفاصيل الرؤى في مرايا الحضور حيث الحياة مسار درب , وحيث همهمات الحروف المقصبة لأجل وعي يكون – كرمى عينيك – المدى كل المدى …
أهي مطالع الوعي في أفواه التعبير أم مناغاة الوجد في مطارح المشاعر وقبس الانفعالات الطالعة من خدر البصيرة قراءة الآتي استشعاراً وتأمل الواقع انتباهاً , وغنائية الذات رهافة على خصوصية الفردية الذاتية في مغاليق حناياها ومكامن تأوهات ما بين ضلوعها أم هي الطاقة الدفينة في مركوز ماهيتها انتماء للحياة بتفاصيلها أو تتسربل على خد أسيل , أم ابتسامة تتجلى فرح حبور على أغاريد عيون في حفاوة محبة ودنيا من مقاربة محبوب في شمولية صدق من حب ومحبة وصداقة وعراقة أصالة في نبل وشهامة موقف , ونضارة ذلك صقيل قريحة في تعبير ومكين قافية بفكر , وذهن متقد , له الدنا نوافذ مشرعة إلى نباهة الحداثة في عراقة الأصالة ثنائية تليد بطريف وجميل بأجمل ضمن فضاء رحب من سعادة اللقاء ثراء بناء في مشروعية عمل , وجمالية منتج في عظمة حضور .
إنه الإبداع وكالة حصرية لذات المبدع محصنة بعرق السنين ومثاقفة الحياة كتباً تُقرأ وتجارب تعاش وترى ومهارات يُشار إليها فيكون الإبداع عصامية تفرد في شرف الجهد , وحصافة التمييز فيصير صاحبه عمراً ما بين لحظة وضع و أنة نزع و أعماراً في عقول رزينة تتسع رحابة كرم بحفاوة التقدير ومناقبية الإبداع والمتعة والفائدة , وغناها رقي حضور .
إن الشعرية هذا الفيض من الإحساس ولو بكلمة تختزن طاقة تعبيرية وهذا حق و أمر جميل لأن طبع المرء قائم على بنية وجدانية , لكن إلى أي مدى يكون القول فيه شعراً؟
وجميل قول حازم القرطاجني « …. جيل يمنّي نفسه بلقط الحصاء على أنها در , ولم يدر أن ميزة الجوهر وشرفه , إنما هو بصيغة أخرى غير التي أدرك … »
فلا الكلام الموزون المقفى الخاوي من بلاغة الشعر و الإبداع بشعر , ولا أي لفظ حظي بركام الألفاظ بشعر , وليس من اليسير أمره أن يتقمص المتنبي وابن زيدون , ونزار قباني و أدونيس وغيرهم .. لكن يمكن – ونحن نرى على قلة – وجود شعراء يشار إليهم بحفاوة الإبداع ومهارة الشعر .
لقد كثرت المطولات المستشعرة وغابت مطولات الشعر , وكثر النقاد , وغاب النقد الرصين العميق الجذور بنظريات النقد لكن زاد مع وسائل التواصل الاجتماعي السباق في ملعب الشعر المفترض شعراً وشاعرية , ومما زاد أن ألقاباً فاقت أمير الشعراء وسلطان الشعر القول : إنه عضو الحوار الدولي , وعضو المنتدى العالمي للقوافي , وعضو جمعية الحروف الهامسة حول العالم … وله عدد من أرقام ما بين نيف أو بضعة دواوين لم يحظ أن سمع بها ديوان العرب على مطلول قوافيه وتلفت إلى حاضره وماضيات عصوره .
إنها الشعرية طفح وجدان جميل , لكن حبذا ألا تفيض عند بعض منا أن يتوهم أنه صار شاعراً وله متسع منابر وليس من الضروري أن يكون شاعراً وخير الكلام ما قل ودل , والبلاغة في الإيجاز . ولا سيما أن الشعر رسالة وفضاء ملكة ونبوغ ثقافة ومهارة صوغ وسبك دربة فهو فن والفن في شموليته رسالة .
نزار بدور