كان لقائي الأول بالشاعر العربي الفلسطيني يوسف الخطيب عبر الشاشة الصغيرة _ أسود وأبيض – في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي عندما صعد إلى المنبر في احتفال رسمي و أخذ ينشد بصوته الجهوري المجلجل قصيدة .
وكان ذلك اللقاء الأول محرضاً لي على زيادة معرفتي به فعلمت أنه ولد في بلدة – دورا في قضاء الخليل بفلسطين عام واحد وثلاثين وحاز على الشهادة الثانوية في الخليل وعندما حلت النكبة السوداء بفلسطين توجه مع أسرته إلى – عمان – وبعد سنوات انتقل إلى دمشق وانتسب إلى كلية الحقوق بالجامعة السورية ليتخرج منها عام خمسة وخمسين ويحصل على الدبلوم في الحقوق العامة وقد أصر رفاقه في الجامعة على جمع قصائده وتولوا طباعتها على نفقتهم وصدرت بعنوان ملفت للانتباه – العيون الظماء للنور – وهو عنوان قصيدة فازت بمسابقة مجلة الآداب البيروتية ومنها :
لم نزل نرقب الخلاص ولابد سيأتي بعث لنا ونشور
ثم كان اللقاء الثاني مع قصيدته – العندليب المهاجر – في منهاج الشهادة الثانوية , وهي تشير إلى موقف إنساني وجداني وطني من خلال رؤية الشاعر – وهو في دمشق – عصفوراً قادماً من الجنوب فرآه مهاجراً من فلسطين فخاطبه قائلاً :
لو قشة مما يرف ببيدر البلد
خبأتها بين الجناح وخفقة الكبد
لو عشبة بيد ومزقة سوسن بيد
أم جئت مثلي بالحنين وسورة الكمد
واللقاء الثالث الذي لم يكتمل هو حضوره إلى حمص لمشاركتنا في مهرجان حمص الشعري الذي كانت تقيمه رابطة الخريجين الجامعيين وقد أتى قبل يوم من مشاركته الشعرية ونزل في الفندق وقام الأستاذ محمد راتب الحلاق المسؤول الثقافي في الرابطة يومذاك بزيارته في الفندق والترحيب به ، وفي اليوم التالي يوم مشاركته في المهرجان الشعري لم يحضر فقد غادر إلى دمشق منذ الصباح وعد ذلك نوعاً من أمزجة الشعراء ومناخاتهم المتقلبة , وقد عمل الشاعر يوسف الخطيب في سبع محطات للإذاعة في دمشق والقدس والكويت والسعودية والعراق ومصر وهولندا وفي منتصف الستينيات تولى منصب المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية وقام بتأسيس : دار فلسطين للثقافة والإعلام والفنون وكان عضواً مؤسساً لاتحاد الكتاب العرب في سورية وكذلك في تأسيس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين ومن دواوينه الشعرية : مجنون فلسطين وصدر عام ثلاثة وثمانين الشام أهلي والهوى بغداد , وقد صدر عام ثمانية وثمانين وفي العام الحادي عشر بعد الألفين أصدر الأعمال الجاهزة – ونشره في ثلاثة أجزاء جمع فيه سائر شعره مضافاً إليه قصائد غير منشورة .
وكان للشاعر يوسف الخطيب فضل تعريفنا على شعر الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال إصداره مؤلفه الوثائقي الفكري – ديوان الوطن المحتل – كما وثق للمدن الفلسطينية والبلدات في كتابه – فلسطينيات الأعلام – ونستطيع القول : إن – يوسف الخطيب – رصد في شعره الأحداث كلها التي عاشها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الغاصب وإذا كان الشاعر قد رحل عن هذه الدنيا الفانية فإن ابنه المخرج المتميز – باسل الخطيب – يتابع مسيرة أبيه في فن آخر هو فن الإخراج السينمائي والتلفزيوني .
د. غسان لافي طعمة
المزيد...