تحية الصباح ..عيد ولا عيد

قبل العيد بثلاث ليال كنت أسهر عند فريحة ؟!

من فريحة ؟!

فريحة أخت فكرات !!

خياطة الحي ومساعدتها التي يتكدس عندها العمل فترى تلال القماش في الغرفة الواسعة المطلة على الشارع الحبيب .. الحضن الحنون لنا , لكل أبنائه ..

فريحة في حالة استنفار , وأختها , وأنا ..

خاصة يوم الوقفة حيث يجب إنجاز كل شيء ..

كنت أساعدهما بجلب غرض من هنا , وغرض من هناك , ولا أتركهما حتى استلم فرحي !!

نعم كان العيد ملابسا جديدة , وأقراص حلوى , وتجمعا للأحباب ..

أجلس بفرح قرب فريحة , أراقب عملها , وحين تحول قماشا إلى فستان

أراه يرقص بيديها , أفرح أكثر .

في الصيف : فستان , وفي الشتاء بنطال ..

برد حمص لا يسمح لطفلة أن تلبس فستانا في الشتاء ..

الحذاء الجديد ينام بجانب رأسي , وكذلك ملابس العيد .

وفي الصباح الباكر , وقبل صياح الديك صديق أمي , وحبيب قلبها ..

كنت استيقظ ..

هو كعادته – الديك طبعا – يجب أن يوقظنا , و الجوار بصياحه هو , وأقرانه , ولا يسكت حتى تصل أمي , ومعها فطورهم له ولرفاقه من دجاج , وصيصان .. يسكنون فوق السطح في قفص يمكنك أن تشرب فيه قهوتك , أو حتى كأس متة .

أول مهمة نقوم بها بعد الاغتسال , ولبس الجديد , وتقبيل الأيادي الطاهرة , والوجوه النيرة أمي , وأبي , وجدتي ..

الذهاب أنا , وأختي الأكبر لمعايدة أم منيفة !!

لماذا أم منيفة , ومن تكون ؟

أم منيفة صديقة أمي لسنين طوال , وجارتنا , وهي الوحيدة من بين الأصدقاء والصديقات التي كانت تعايدنا –  تعطينا عيدية ..

لي فرنكان , ولأختي أربع ..

عند أبي نزار السمان , أو عند أبي هاشم نصرف بعضا من عيديتنا بشراء

البوظة , أو غزل البنات ..

وفي ساحة الأراجيح التي جربت خوض غمارها مرة , ولم أكررها فيما بعد بسبب دوخة أضاعت بوصلتي , ورأسي معها لساعة بل أكثر ..

الأرجوحة الخشبية الكبيرة المعلقة بأعمدة من خشب , وأربطة من حبال غليظة ..كانت توصل راكبيها إلى السماء بلمحة , وتعود بهم مسرعة كخيال .. بينما يردد الأولاد الفرحين بجولة سريعة في الفضاء , الغناء مع قائد رحلتهم العجيبة .

أراجيح كانت توضع للمناسبة , وتختفي حتى العيد القادم

توضع بجانب حديقة طريق الشام الواسعة الجميلة المترفة بالأراجيح , والقبان, والزحليطة ..وبدون أن تدفع قرشا يمكنك أن تلعب كل النهار !!

في العيد .. يتركها الأطفال , وكأنهم لا يرون , ويركبون أراجيح من نوع آخر , وجدت للعيد فقط , كما وضع حمار , أو شبه حصان يجر عربة تقل الأولاد الراغبين في جولة قصيرة , يغنون , ويصرخون فرحاً بالعيد !!

مظاهر تختفي كالسحر حين يختفي العيد !!

كبرنا وكبر معنا العيد ..

كان حبة ملبس , أو حبة شوكولا , فرنكات , ليرات , ملابس جديدة , أو قديمة مجددة بطرق عجيبة ..

كان ضحكة .. فرحاً .. أو حزناً

صار حملا فوق الأكتاف ..

كبر أكثر حتى صار ذكريات ….

الكلمة الطيبة صارت عيد ..

العيد في وجود صديق وفي , أخ , حبيب ,

العيد  ذاكرة مليئة تحتاج إلى الفرمتة كل حين ..

الحافظة تمتلأ بالشوارع , بالبيوت , بالقصص ..

وكما تذرو الرياح رمال الشاطئ نرحل ..

هي الحياة عيد ,  ولا عيد !!

سعاد سليمان

 

المزيد...
آخر الأخبار