تحية الصباح ..زيارة صديق …!!

 

عندما فتح باب المنزل ، بعدما قرعت بيدي عليه عدة مرات ، وقف مندهشاً ، عندما رآني وجهاً لوجه ، وبعد صمت قصير ، ألقيت التحية وسألته عن صحته وعافيته ، فأجاب حامداً الله وفضله  ودعاني للدخول …!!

ثمة سيدة ستينية في البيت هي زوجته ، رحبت بي – دون معرفة – وأشارت إلى غرفة فيها بعض الكنبات …

اعتذرت أنني جئت بغير موعد  فهو لا يرد على الهاتف في الفترة الأخيرة ، وقلما يزوره أحد ..أما أبناؤه وبناته فهم جميعاً خارج الوطن أو في مدن بعيدة

أثاث متواضع ، شقة متواضعة بشكل عام ..!!

ولأنني اعتددت  زيارته في مكتبه ، بدأنا حديث الذكريات عن عمله وسمعته الطيبة وعندما ألمحت له أنني حاولت مراراً عديدة التحدث معه عبر الهاتف المحمول غير أن الخط( مقفل أو خارج نطاق التغطية ) فاعتذر لأنه قلما يستخدم الهاتف .

مدّ يده إلى الزاوية والتقط دفتراً وقال لي :

( في هذا الدفتر أكثر من ألف رقم .. وبعدما أحلت إلى المعاش وخلال سنة أو أكثر … قلما اتصل بي أحد , بعد ما كنت أضيق ذرعاً أحياناً لكثرة الاتصالات والتحيات والمجاملات .. والناس كلهم أصدقاؤك وزملاؤك ورفاقك عندما تكون على رأس عملك وبعد ما تتقاعد ينفضّون عنك عدا قلة منهم ولعلك يا صديقي واحد من هؤلاء …!!

أثلج صدري كلامه لأنه عدني من ” القلة ” التي لا تنسى المعروف ولا تنسى الصداقة .

في أثناء توليه المنصب , لم يحصل مرة واحدة أنه قصر في إحقاق الحق وعندما كانت تجري مسابقة لتعيين  عمال أو موظفين في وزارته , وكان يدقق بكل شاردة وواردة .. حتى قالوا إنه ” أبو الفقراء ” .

أما أنا الذي تعرفت عليه مصادفة , قبل أن يصبح مسؤولاً, فكنت قلما أزوره في مكتبه وكان الحديث يدور عن الشعر والثقافة , فهو مولع بشعر الجواهري وبدوي الجبل ..!! لم أطلب منه أي طلب وربما لهذا السبب كان يشعرني أنه يقدرني ..!!

بعد سنوات طويلة من العمل .. هاهو صديقي يقبع في منزله المتواضع , قلما يخرج منه وقلما يأتي أحد ليسأل عنه ..

يتلقى مكالمات أبنائه وأحفاده البعيدين عنه ..

ولكن أهم ما يلفت الأنظار في منزله , تلك الغرفة بجدرانها الأربعة .. الملآنة برفوف الكتب .. وثمة سلم صغير يستخدمه لجلب الكتب من الرفوف العليا .. وهذه المكتبة بعد رحليه سوف تهدى للجامعة ..!!

أتمنى له الصحة والعافية .. يرد بعبارات الشكر لأنني تذكرته وزرته ولكنه يصر على عدم ذكر اسمه في هذه الزاوية ..!!

الدنيا لاتخلو من الطبيين والشرفاء .. هذه حال الدنيا ..!!

عيسى إسماعيل

 

 

المزيد...
آخر الأخبار