في حضرة الغياب تقف الكلمات في أغلب الأحيان حائرة عاجزة عن وصف مشاعرنا الدفينة , ولكن في ذكرى رحيل القائد المؤسس حافظ الأسد , تأخذ الكلمات مواضعها وشريط الذكريات يمر كشعاع نور ويعود بنا التاريخ إلى مآثر وعطاءات قل نظيرها , فمع القائد المؤسس وملهم الأمة كانت ولادة سورية الحديثة وبدأ عصر جديد في تاريخها المعاصر , حيث أضحت سورية الرافعة والحاضنة الحقيقية للهم القومي العربي الذي أعطاه القائد المؤسس جل اهتمامه من أجل توحيد الرؤى والخيارات والحفاظ على االحقوق العربية , وعلى هذا الأساس كان المؤتمن لتحقيق تطلعات شعبنا من المحيط إلى الخليج حيث عرفته الأمة قائداً تاريخياً , ومناضلا مبدئياً تحلى بالصدق والشجاعة , والحرص على حماية مكتسبات الشعب والأمة ,مؤمناً بالدور الحضاري والإنساني للعروبة في تاريخ الأمم, ورسالتها الواقعية في التقارب الفكري بين الشعوب , ولعل أخطر ما تعرضت له العروبة هو تحدي التصدي للمشروع الصهيوني بنزعاته العنصرية والعدوانية والاستيطانية , وخلق الكيان السرطاني في أرض فلسطين العربية ,فأثبت القائد المؤسس قدرته على مواجهة هذا التحدي وجعله من الأولويات لدرء الخطر الصهيوني في المنطقة ,والعمل على إفشال كل المخططات ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية , باعتبارها قضية العرب المركزية.
لقد آمن القائد المؤسس حافظ الأسد بعظمة وقدرة الشعب الخلاقة والقادرة على إجتراح المعجزات في سبيل تحقيق نهضته وبناء دولته العصرية المؤسساتية , فكان لسورية ماأرادت وأضحت الرقم الصعب في المعادلات العربية والإقليمية والدولية , والدولة القوية المهابة الجانب والقادرة على لجم غدر الغادرين مهما تكالب عليها الأعداء , قلبت موازين القوى لمصلحة العرب كل هذا كان نتاج رؤية القائد المؤسس لسورية التي آمن بها وعشقها , وفي عودة لوقائع التاريخ ,فقد كتب جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في مذكراته عندما التقى القائد المؤسس على خلفية طرح وجهة النظر الأمريكية لحل القضية الفلسطينية حيث قال في 23 نيسان ..التقيت الرئيس الأسد في دمشق ..إن هذا اللقاء كان يشكل أصعب عملية أخوضها وأشدها إنهاكاً. وكان الاجتماع تسع ساعات و46دقيقة بدون فترة استراحة…لقد أعلنت الاستسلام …
هكذا كانت رسالة القائد المؤسس , فقد كان صلباً محافظاً على حقوق شعبه . نذر حياته من أجل تحقيق الحلم العربي والسوري وجعل سورية تتبوأ دورها التاريخي قي قيادة الأمة ونشر رسالتها الانسانية في أصقاع العالم .
كان قائداً حكيماً وقادراً على الوفاء بوعده ,فأنجز ماوعد…
فتحية لروحه الطاهرة والخلود لها في العلياء في ذكرى الغياب التاسعة عشر
غالب طيباني
المزيد...