للمجسمات والأشكال التراثية التي يصنعها بعض من فنانينا العبقريين المهتمين بالبيئة والطبيعة والتي تمثل العادات والطقوس المعيشية لأجدادنا ، دورها الهام في تعريف النشء الحالي بالحياة الدافئة والمفيدة رغم صعوبتها والتي كان يحياها آباؤنا وأجدادنا القدامى ، إذ تؤصل تلك الأعمال الهوية التراثية السورية ، وتجعلنا نبحر في حكمة القدماء وعبقريتهم في انتاج حياة مادية ومعيشية تقيهم شر العوز والحاجة وتجعلهم يكتفون ذاتياً بمنتوجاتهم العفوية والبسيطة ..
إذ تعيد تلك الأعمال للأذهان مشاهد اندثرت أو كادت تندثر من ذاكرة الأجيال فتحيي عادات وتقاليد ، وبالمقابل تضفي أجواء سحرية على الحاضر وتذكر بما كان من انتماء فذ للطبيعة واستفادة قصوى من مخلفاتها والتكيف معها ، كل ذلك في فضاءات من الجمال والروعة تمثل موسيقا الوجود المستمدة من بيئتنا وواقعنا .. تستجلي كوامن الماضي وكنوزه الدفينة وتحلل أسباب ازدهار تراثنا من خلال تمسكنا بخصوصية مجتمعنا التي لا توجد في أي مجتمع أو بلد آخر ..
هؤلاء الفنانون المبدعون إذ يعودون إلى إحياء التراث وأنسنة الطبيعة يشكلون استقطاباً جاداً، يحرك واقعنا المعاصر ويجعلنا نمشي على هدي أجدادنا في صنع المستحيل من خلال إسقاط الماضي على الحاضر وما يمثله من تاريخ لمجموعة من البشر وما يضمه من عادات وأنماط حياة والتي يمكن القول أصبحت اليوم صالحة للحياة المعاصرة نتيجة أحوال معيشية جديدة بدأت تطفو على سطح الحاضر ، يمكن الاستفادة من تجارب أسلافنا مع إبعاد ما هو غير صالح للحياة اليوم ومن ثم بلورة كل ما هو مفيد وفعال…. هي عملية فرز ما بين الصالح والطالح ، السلبي والايجابي واستحضار لايجابيات التراث وانتماء للمكان ..
عفاف حلاس
المزيد...