مع بداية فصل الصيف .. أشكال ونكهات متنوعة من المثلجات « البوظة » تغزو الأسواق …الأطفال يقبلون على شرائها بكثرة رغم مضارها الصحية لاحقاً
قلائل هم الذين لا يتناولون البوظة في فصل الصيف , أو يشترون من العصائر المثلجة لتخفيف الشعور بالحر , وإضفاء انتعاش على أجواء الصيف الحارة , خاصة وأن موسم الصيف يأتي محملا بالكثير من المرح والتسلية والترفيه ، ولعل تناول المثلجات أثناء النزهات أو السهرات مع الأصدقاء أو الأهل من الأشياء التي تميز جلسات الأحبة وأمسياتهم , وعلى ما يبدو هذا الصيف يبشر بارتفاع درجات الحرارة المستمر .. مما يجعل الإقبال على شراء المثلجات كبيرا من الأطفال والكبار ، والتي بدأت الكثير من البقاليات والمحال بطرحها بأشكال وألوان ونكهات متنوعة ..
صديقة النزهات
جولة سريعة على الأسواق والمحال في فترة ما بعد الظهر والمساء يمكننا أن نلاحظ من خلالها حركة البيع الكبيرة لأنواع مختلفة من المثلجات يقوم بشرائها الشباب والأطفال وحتى الأمهات وهم يقضون هذه الأوقات في التسوق أو صحبة الأصدقاء أو ارتياد الحدائق.
وقد أكد لنا العديد من الأهالي الذين التقينا هم أنه من الشروط المشجعة على التنزه تناول البوظة في أحد المحال المعروفة ببيعها أنواع مميزة من حيث النكهة والطعم ، وقد أكدت إحدى الأمهات على ذلك فقالت : إن الطفل في النزهة قد يستغني عن السندويش أو البسكويت مقابل أن يحصل على ( كأس من البوظة ) ولا يكتفي بذلك كما أكدت سيدة أخرى فقالت : هو يريد المثلجات ويحب أن يختار نكهاتها بنفسه أيضا فيقف أمام البائع ويطلب منه مثلجات بنكهة الحليب أو الفريز أو الشوكولا أو … وقد يرهق البائع ويستفزه في كثير من الأحيان لكثرة حيرته بالاختيار فهو يتمنى أن يحصل عليها كلها.
معظم الأطفال الذين التقيناهم أكدوا مدى حبهم للمثلجات وأحدهم قال : أتمنى أن آكلها باستمرار ولا أشبع منها فهي لذيذة جداً وأشعر أنني أكتفي بها ولا حاجة لي للطعام أو الشراب وأضاف : هي لذيذة لأنه يوجد بها الحليب والفواكه وبالتالي فهي لا تضر بالصحة ..
تنعش حركة الشراء
صاحب أحد المحال التي تبيع المثلجات قال : ما إن يبدأ موسم الصيف حتى يكثر الطلب على المثلجات ولذلك نحن نضع الثلاجة الخاصة ببيع المثلجات أقرب ما تكون من الزبون ,وقد نضعها أمام واجهة المحل فالمستهلك يأخذ طلبه مباشرة وهو يسير على الطريق ويتابع نزهته وتسوقه .
حيان « صاحب محل لتصنيع الحلويات» قال : عملنا الأساسي هو تصنيع الحلويات ، ولكن إضافة إلى هذه المهنة نقوم بصناعة المثلجات وفق الشروط النظامية حيث يكثر الطلب عليها في موسم الصيف بينما يقل الطلب على الحلويات التي يقتصر استهلاكها على المناسبات.
تحسن واقع الكهرباء
أكد لنا أحد بائعي المثلجات أن التحسن الملحوظ بواقع الكهرباء سيساهم حتماً بتشجيع البائعين على زيادة كمية البوظة وذلك لتحسن شروط الحفظ ، بينما في سنوات سابقة كانت تتلف كميات كبيرة بسبب التقنين فالمثلجات مادة حساسة جداً وسريعة الذوبان .
صنع المنزل .. أضمن
رغم مظاهر الفرح التي ترافق شراء الأطفال للبوظة أثناء النزهات أو الزيارات إلا أن البعض من الأمهات يشعرن بالقلق على صحة أبنائهن والخوف من مخاطر إصابتهم بالأمراض فيقمن بصناعة بعض أنواع من الوجبات الجاهزة والمثلجات « التي تباع في المحال» منزليا وبالتالي ضمان جودة المواد وبالتالي صحة الأبناء
إحدى السيدات أكدت أنها تتابع العديد من الوصفات التي تنشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي أو برامج الطبخ التلفزيونية وأكثر ما يلفت اهتمامها صيفا هو المثلجات كون أطفالها يحبونها جداً فتصنعها في المنزل ، وبذلك تكون على ثقة بالمواد التي استخدمتها ومتأكدة من صلاحيتها وطريقة حفظها ، وقد شجعت قريباتها وجاراتها على صناعتها في المنزل ولضمان جودتها ونظافتها .
فوائد ..ومضار
في لقاء مع السيدة ليلى – خبيرة تغذية تحدثنا حول المثلجات والمواصفات التي تجعلها محببة ومفيدة في بعض الأحيان فقالت : تعتبر المثلجات من أكثر أنواع الأطعمة التي يحبها الجميع كباراً و صغاراً وكانوا يقبلون على تناولها في فصل الصيف ، أما اليوم فقد أصبح تناولها في كافة أوقات العام لما تتمتع به من قوام كريمي خفيف البرودة …و تتكون هذه المثلجات من عصائر الفواكه و الحليب المضاف إليه نكهات متنوعة و تكون على شكل ثلج لين.
وأضافت : هي كأي نوع من أنواع الأطعمة المصنعة لها فوائد و أضرار فإذا استعرضنا فوائدها نجد أنها تحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات مثل أ و ب 6 و ب 12 و ج و ك و هذا الأخير يساهم في الوقاية من تجلط الدم كما أنها تحتوي على عناصر الثيامين و الريبوفلافين و النياسين.
و نظراً لاحتوائها على مادة الترومبوتونين التي يقوم الجسم بإفرازها طبيعياً فهي تساعد على القضاء على التوتر و القلق و تمنح شعوراً بالسعادة كما أن هذه المادة تعتبر مهدئاً طبيعياً و تعالج حالات الأرق بسبب احتوائها على الحليب ،كما تحتوي على العديد من المعادن مثل الكالسيوم و الفوسفور التي تساعد على بناء العظام و تقلل من الإصابة بحصوات الكلى .
وأكدت : أن هذه الفوائد للمثلجات لا تنفي وجود الأضرار وأهمها الصداع الذي يختفي بشكل سريع و هو معروف باسم صداع المثلجات,ولا يخفى أن تناولها بكثرة يؤدي إلى زيادة الوزن نظراً لوجود كميات عالية من الدهون و السكريات و الفواكه المركزة و الشوكولا …
أضافت : تحتوي أيضا على بعض سلالات البكتيريا المعوية و بكميات أعلى من الكمية المسموح بها بمقدار يصل إلى مائة مرة ,و لذلك يجب الامتناع عن تناول المثلجات المكشوفة أو الغير معلبة و يفضل صنعها في المنزل حتى نضمن نظافة المكونات المستخدمة مع مراعاة أن البعض يصاب بحساسية من مادة اللاكتوز والتي توجد طبيعياً في الحليب و بالتالي فإنها توجد في المثلجات و لذلك ينصح « لهؤلاء « بتناول المثلجات التي تعتمد على عصائر الفواكه الطبيعية فقط ، وينصح بصنعها في المنزل.
الصلاحية والحفظ
نظرا لأن المثلجات من الأطعمة الحساسة و سريعة الفساد عندما يتم تخزينها بشكل غير مناسب ، و خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ، و عدم مراقبتها جيداً فإن هذا يتسبب في إصابة متناوليها بالليستيريا التي تتسبب في وفاة الكثير من الأشخاص ، ولذلك فالرقابة الصحية من قبل الجهات المختصة ضرورية جدا وللاطلاع أكثر على هذا الأمر التقينا الدكتور محمد علي غالي مدير الشؤون الصحية في مجلس مدينة حمص الذي أوضح أن عملهم يقوم على المتابعة المستمرة لمعامل تصنيع البوظة «مع أن عددها اليوم أصبح قليل جداً » وذلك من حيث النظافة العامة في المعمل والآلات المستخدمة ومراقبة صلاحية المواد التي تدخل في تصنيع المثلجات وخصوصا أنها مواد غذائية تفسد بسرعة ، كذلك هناك رقابة على العاملين في هذا المجال كوجود بطاقة صحية لكل عامل ولباس عمل …
وأضاف : هناك رقابة أيضا على المثلجات التي تأتي إلى حمص من خارج المحافظة ويتم توزيعها على ( المحال ) في المدينة والريف وعملنا هو مراقبة المصدر الذي أتت منه وتاريخ الصلاحية وطريقة الحفظ ..مع شرط أن يكون المحل لديه ترخيص ببيع المثلجات وخلال عملنا لم نصادف وجود أي محل غير مرخص .
ورش صغيرة
سألنا الدكتور غالي عن قيام بعض أصحاب الورش الصغيرة بتصنيع البوظة وطرحها في الأسواق , وعن آلية مراقبة عمل أصحاب تلك الورش فقال : هنالك بعض المعامل الخاصة التي تصنع البوظة بشكل سري منوها أنهم لا يستطيعون كرقابة صحية إحكام رقابتهم عليها فهم لا يعرفون أماكن تواجدها فقد تكون في أحد المنازل ويستخدم أصحابه بعض الآلات البسيطة لصناعة المثلجات التي لا ترقى لمستوى نوعية المثلجات في المعامل المخصصة لها , كون الأصبغة والملونات طاغية على حساب الجودة .
مراقبة وسحب عينات
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك رامي اليوسف أكد لنا أن مراقبة مادة المثلجات دائمة ومستمرة في كافة المحال التي تبيع المادة , ومعامل تصنيعها ولكن بعد الحرب بات العديد منها خارج الخدمة ، ومهمة عناصر حماية المستهلك تتحدد بمراقبة فواتير المواد المصنعة خارج المحافظة وبيان تكلفة المنتج المصنع ضمن المحافظة ومدى تطابق سعر المنتج مع هذه الفواتير..
وأضاف : تترافق هذه الرقابة مع سحب عينات من أنواع المثلجات الموجودة بالمحال التجارية والمعامل في المدينة والريف بشكل عام أما عن الورش أو المعامل الصغيرة غير المرخصة فهي موجودة في المنازل ولا يمكن ضبطها رغم أنها تطرح إنتاجها في الأسواق ، ولكن هناك متابعة حثيثة لها وملاحقتها ، وفي حال عدم حصولها على سجل تجاري ترفع عليها دعوى قضائية ..
وحول مخالفة قانون طرح المثلجات في الأسواق بموعد محدد أكد اليوسف أن هذا الأمر كان متبعاً قديما وقد ألغي العمل به نظرا لأن المثلجات أصبحت من الأغذية المستهلكة في كل المواسم وهذا يعود للمواد الداخلة في تصنيعها والرقابة مستمرة ..
وأضاف : بلغ عدد الضبوط المخالفة ضبط واحد عدم الإعلان عن السعر، أما العينات فقد تم سحب 8 عينات والنتيجة 5 مخالفة و3 منها جسيمة «جرثومية» 3 عينات للدراسة السعرية ,ولا بد من التأكيد أن الرقابة مستمرة على الأسواق بشكل عام وعلى المثلجات بشكل خاص .
وأشار مدير صناعة حمص المهندس بسام السعيد إلى أنه يوجد في حمص 17 معمل لصناعة البوظة , وحاليا في الخدمة 4 معامل آلاتها بين القديمة والحديثة , منوها أنه تم تشكيل لجنة رقابية منذ شهر لمسح كافة المنشأت في حمص وريفها للإطلاع على واقع العمل فيها ومدى التزامها بالشروط الصحية والمواصفات القياسية السورية ..
المهندس علي عطفة مدير الصناعة في مدينة حسياء الصناعية قال : يبلغ عدد المعامل التي تعمل في صناعة البوظة المرخصة في حسياء 3 معامل اثنان متوقفان بسبب ظروف الحرب و تعرضهما لأضرار كبيرة , والثالث يعمل حاليا ويصنع البوظة العادية « مثلجات»,ومن المعلوم أن مديرية الصناعة تمنح التراخيص لمنشآت تعمل بخطوط إنتاج آلية وتراعي شروط الصحة والسلامة ، وعملية التغليف الآلية ، أما بعض المنشآت التي تعمل حالياً بشكل فردي كصناعة البوظة العربية هي ليست بحاجة لترخيص من مديرية الصناعة لأنها لا تعمل بخطوط إنتاج آلية وهي تعتبر من الحرف البسيطة ويقوم بصناعتها بعض الورش الصغيرة .
ونوه إلى أن مديرية الصناعة في حسياء تقوم بعد منح الترخيص بالإشراف على بداية إقلاع المعمل وأخذ عينات لتحليلها في مخبر مركز أبحاث تابع لوزارة الصناعة أو في مخابر جامعة البعث للتأكد من تحقيقها للمواصفات القياسية المطلوبة وشروط الصحة والسلامة ..
أخيرا
المثلجات من المأكولات اللذيذة التي نرغب بتناولها حتى على فترات متباعدة ولكن بالمقابل ترعبنا فكرة أن تتسبب لنا هذه بوعكة صحية كالتسمم الغذائي ولذلك فالرقابة الصحية العامة وكذلك الرقابة الشخصية مهمة جدا ..والعناية بالغذاء وصلاحيته يغنينا عن الكثير من المشاكل الصحية التي تحدث لاحقا .. .
منار الناعمة – بشرى عنقة