يكتبها الكثيرون على مداخل بيوتهم «هذا من فضل ربي» ولا يخجلون لا من الله ولا من الناس ، وهم يعرفون أن كل من حولهم يعرف أن ما لديهم من أموال وممتلكات تم جمعها بأساليب ملتوية ، وليس هذا وحسب ، بل ينظرون للناس الشرفاء من علٍ ومن طرف عيونهم ، الناس الذين يعيشون من كدهم وعرق جبينهم ليكفون أنفسهم وأسرهم ذاتياً من متطلبات الحياة الكثيرة،من خلال عملهم المتواصل ليل نهار ، نعم فقد أصبحت المعايير مقلوبة الأسفل فيها هو الأعلى ، فهؤلاء الذين كتبوا على مداخل بيوتهم هذه العبارة يعتبرون أنفسهم من علية القوم ، وهم حصلوا على ما حصلوا عليه من الأموال غير المحدودة بطرق ملتوية، ويعرفون جيداً أن الجميع يعرف هذا 000 كنا أيام زمان في بداية شبابنا منذ حوالي الخمسين عاماً نسمع أن فلاناً ارتشى بخمس ليرات أو بعشر ، وهو موظف ، كان الجميع يشيرون إليه بالبنان ويصبح حديث الناس ومجال تندرهم بفعلته الشنيعة تلك ، وكان يعرف ما يقوله الناس فيه أو يشعر من نظراتهم ، فكان يمشي مطأطأ الرأس خجلاً لا يتمنى أن تصادف عيونه عيون أحد في الطريق ، وكان عدد أمثال هذا المرتشي لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في القرية أو الحي ، أما اليوم فقد أصبح تعدادهم رقماً كبيراً بين أفراد المجتمع ، ويمشون بين الناس بخيلاء رافعي الرؤوس راكبين بسياراتهم الفارهة ، ومظاهر الترف واضحة متباهين بما يمتلكون من أموال ، وليسوا أصحاب تجارات أو صناعات أو عقارات ، فأقل ما يمكن هو أن يمتلكوا شيئاً من الحياء وهم يعرفون أنفسهم ، وأن كل من حولهم يعرف أن وراء الأكمة ما وراءها ، أم أن الوقاحة أصبحت هي العملة السائدة ، والحياء أصبح العملة النادرة ؟
صالح سلمان
المزيد...